شرح مفهوم فلسفة الجمال

مفهوم فلسفة الجمال

فلسفة الجمال (بالإنجليزية: Aesthetics)، المعروفة أيضًا بعدة مسميات، تشمل الجماليات، وعلم الشهوات والزين، والأستطاقية، وعلم المحاسن، هي دراسة الجمال والذوق داخل نطاقٍ فلسفي، وهي أيضًا ذلك الفرع من الفلسفة الذي يولي اهتمامًا بالجمال، والذوق، والطبيعة، وتقدير الفن، وتعرف فلسفة الجمال كذلك على أنها "التفكير النقدي" للطبيعة، والثقافة، والفن، وفلسفة الجمال في الأصل فرعٌ تابع لعلم القيم،^[١] المعروف بالأكسيولوجيا (بالإنجليزية: Axiology)‏، والمسمى أيضًا بنظرية القيم (بالإنجليزية: Theory of Values)، والذي هو بدوره فرعٌ من الفلسفة، يعنى بدراسة القيم الحسية/الشعورية، والقيم العاطفية،^[٢] وهناك من يعتبر أنّ فلسفة الجمال عبارةٌ عن "تحقيق منهجي" يتناول طبيعة الفن، وجوهره، والغاية منه، وهذا التحقيق يدرس أيضًا مفهوم الفن، وما يرتبط به من افتراضات ومبادئ،^[٣] هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ كلمة "Aesthetics" مشتقة من الكلمة اليونانية "aisthetikos"، والتي تعني "ما يرتبط بالتصورات الحسية/الإدراك الحسي"،^[٤][٥] وفي العام 1735م، قام الفيلسوف وعالم الجمال الألماني ألكسندر جوتليب بومجارتن (بالألمانية: Alexander Gottlieb Baumgarten)‏ بصياغة المصطلح "Aesthetics"، ليدل على ذلك "العلم" الذي يتناول كيفية معرفة الأشياء من خلال الحواس، ولم يستخدم هذا المصطلح على نطاقٍ واسع حتى بداية القرن التاسع عشر.^[٦]

أهمية الجماليات في الفلسفة

تُعد الجماليات (فلسفة الجمال) من المواضيع المهمة في الفلسفة،^[٧] وفي النقاط التالية توضيحٌ لبعض جوانب أهميتها:^[٨][٩]

• تتمثل أهمية الجماليات في الفلسفة من منطلق أنّ قناعات وأفكار المرء الفلسفية تشكل نظرته للجمال، وتؤثر عليها.
• فمثلاً، بالنسبة للأفراد الذين هم من مؤيدي الفلسفة العقلانية (بالإنجليزية: Rationalism)، التي تعتبر أنّ الكون منطقيٌ، وأنه يتبع قواعد تعمل على تنظيمه، فمن المحتمل في هذه الحالة أن تكون النظرة الجمالية لمثل هؤلاء الأفراد على نفس المنوال فيما يخص توجهاتهم الفلسفية، بمعنى أن تتسم وجهة نظرهم للجماليات بأنها شكلية وأكثر تنظيمًا، ولا تركز على المعطيات الحسية، وذلك لأنّ الفلسفة العقلانية تنص أيضًا على أنّ العقل هو الوسيلة التي من خلالها تُكتسب المعرفة، ولا يكون للحواس يدٌ في ذلك.^[١٠]
• علاوةً على ذلك، تعتبر الفلسفة أنّ الجماليات وسيلةٌ يمكن من خلالها التعمق في فهم الأفراد (بما في ذلك الجماعات والثقافات المتعددة)، وذلك لاعتبارها أنّ معرفة، وتعلم، ما يعتبره الأفراد "جماليًا" يمكن أن يساهم في فهم الأمور التي يقدرونها، ويعتبرون أنّ لها قيمة، بالإضافة إلى أنّ هذا يساعد أيضًا في فهم طريقة تفاعلهم مع بعضهم، وما يخص اتخاذهم للقرارات.
• فضلاً عن ذلك، تعتبر الفلسفة أنّ عواطف الأفراد ومشاعرهم تتأثر بتصوراتهم ومفاهيمهم الجمالية؛ أي أنه عندما ينظر الأفراد إلى البيئة التي من حولهم على أنها جميلة، وممتعة من الناحية الجمالية، فإنّ هذه النظرة الإيجابية تنعكس على المشاعر، وبالتالي تؤثر عليها بطريقة إيجابية.

مفهوم الجمال عند الفلاسفة

يعتبر "الجمال" من المفاهيم الأساسية التي تركز عليها فلسفة الجمال (الجماليات)، وتوليها اهتمامًا، وقد كان للكثير من الفلاسفة وجهات نظر بخصوص هذا المفهوم، وفيما يلي، استعراضٌ لبعض وجهات النظر هذه:^[١١][١٢]

• الفلاسفة القدماء: يعتبر الجمال، بالنسبة للفلاسفة القدماء، أمثال أفلاطون وأرسطو، ميزةً/صفةً للشيء، وأنّ هناك معايير مرتبطة بالحواس يمكن الاعتماد عليها لشرح كيف يكون الشيء جميلاً، وبالنسبة لأفلاطون، فقد اعتبر أنّ الجمال "سمة" للشيء، وأنّ هناك جوهرٌ، أو شكلٌ، واحدٌ حقيقيٌ يمكن من خلاله تفسير جمال كل شيء على انفراد، وأنّ الجمال مرتبطٌ بعددٍ من الأمور، التي تشمل التوازن، والتناسب، والانسجام.
• فلاسفة العصور الوسطى: كان توما الأكويني (بالإنجليزية: Thomas Aquinas) من هؤلاء الفلاسفة الذين تطرقوا لموضوع الجمال؛ حيث اعتبر الأكويني أنّ الجمال جزءٌ لا يتجزأ من "الخير"، وأنّ هناك أشياءً تُشكل الجمال، وهي: الكمال أو المثالية، والتناسب أو الانسجام، والنصوع أو الوضوح.
• فلاسفة عصر التنوير: أما فلاسفة التنوير، فقد اعتبروا أنّ الجمال "حكم شخصي/حكم ذاتي"؛ بمعنى أنّ الجمال يعتمد، من وجهة نظرهم الخاصة، على ما "يشعر" به الشخص، بدلاً من اعتباره صفة يتسم بها الشيء، هذا ويرى الفيلسوف الاسكتلندي ديفيد هيوم (بالإنجليزية: David Hume) أنّ "الذوق" عند الأفراد يمكن تنميته وصقله، ويمكن أيضًا تثقيفهم بشأنه، وهذا الأمر ينعكس على أحكامهم بخصوص الجمال، فضلاً عن ذلك، يعتبر هيوم أنّ النقاد الذين يتسمون بالذوق الرفيع هم من يقررون ما يعتبر جيدًا، وما يعتبر سيئًا عندما يتعلق الأمر بتقييم جمال الأعمال الفنية.