ماذا تعرف عن فلسفة الفن؟

مفهوم فلسفة الفن

يمكن تعريف الفن على أنه نتاج عملية ترتيب العناصر، ترتيبًا متعمدًا ومُنظمًا، بشكل يروق للحواس وللمشاعر، وذلك من خلال مجموعة متنوعة من طرق التعبير، والأنشطة البشرية، والابتكارات، مثل اللوحات، والنحت، والأدب، والموسيقى، والأفلام، والفن كذلك تعبير عن الأفكار والمشاعر من خلال الأدوات المادية،^[١][٢] ويعتبر الفن من المواضيع التي تتناولها الفلسفة، وتحديدًا من خلال فلسفة الفن (بالإنجليزية: Philosophy of art)، والتي يمكن تعريفها على أنها دراسة طبيعة الفن، وتشتمل هذه الدراسة على عدة مفاهيم، بما في ذلك "التفسير"، و "التمثيل/التصوير" و "التعبير"، و "الشكل"، فضلاً عن ذلك، ترتبط فلسفة الفن بشكلٍ وثيق مع فلسفة الجمال (بالإنجليزية: Aesthetics)، المعروفة أيضًا بالجماليات، أو الأستطاقية، أو علم الشهوات والزين، والتي تُعرف على أنها الدراسة الفلسفية للجمال والذوق، ففلسفة الفن هي أحد المجالات الفرعية لفلسفة الجمال، التي تعد بدورها واحد من المجالات الرئيسية للفلسفة، وتمتاز فلسفة الفن بطرحها أسئلة حول الفن نفسه، في حين أنّ فلسفة الجمال تتمحور حول ماهية الجمال، والأسباب التي تجعل من أي شيء جميلاً.^[٣][٤]

تعريف الفن فلسفيًا

لطالما كان تعريف الفن من الموضوعات التي جادل الفلاسفة بشأنها على مر التاريخ، وتعريف الفن في سياق فلسفة الفن (أي فلسفيًا) يندرج تحت ثلاث فئات، نستعرض أهم تفاصيلها فيما يلي:^[٥][٦]

الفن كتمثيل أو محاكاة

كان أفلاطون أول من جاء بفكرة الفن كمحاكاة، والمحاكاة (بالإنجليزية: Mimesis) هي "عملية التقليد"، التي يقوم الفنانون عبرها بتصوير، أو وصف، العالم وتفسيره،^[٧] وبسبب هذا، عُرف الفن، بشكلٍ أساسي، ولقرونٍ عديدة من الزمن، بأنه تمثيلٌ أو "إعادة تطبيق/محاكاة" لشيء "جميل"، أو "ذو معنىً"، وحتى نهاية القرن الثامن عشر تقريبًا، كان يتم تقييم العمل الفني، وتحديد ما إذا كان"فنًا جيدًا" بناءً على مدى صدق محاكاتهِ لموضوعه، وقد أثر هذا التعريف للفن الجيد إلى حدٍ كبير وعميقٍ للغاية على كل من الفنانين الحديثين والمعاصرين.

الفن كتعبير عن المحتوى العاطفي

خلال فترة الرومانتيكية، أو الرومانسية (بالإنجليزية: Romanticism)، وهي حركة أدبية وفنية يعود تاريخ بدايتها إلى نهاية القرن الثامن عشر،^[٨] بات للتعبير أهمية، وأصبح العمل الفني يعرف بأنه تعبيرٌ عن شعور معين، ولأنّ الغاية من الأعمال الفنية آنذاك تمثلت في إثارة ردود الأفعال، والاستجابات، العاطفية عند الجمهور، فقد باتت كذلك استجابة، وردة فعل، الجمهور مهمة، وتجدر الإشارة إلى أنّ تعريف الفن كتعبير عن المحتوى العاطفي ما زال تأثيره قائمًا إلى يومنا هذا؛ إذ إنّ الفنانين يتوقون إلى إثارة ردود أفعال جمهورهم، والتواصل معها.

الفن كشكل

كان الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط (بالألمانية: Immanuel Kant) من أشهر الفلاسفة وأكثرهم تأثيرًا في القرن الثامن عشر، ومن أبرز آرائه ذات الصلة بالفن اعتقاده أنّه يجب الحكم على الفن من خلال الصفات الشكلية التي يتسم بها، فهو يرى أنّ مضمون العمل الفني ليس له "أهمية جمالية"، ومن هذا المنطلق، ارتأى كانط أنّ الفن لا ينبغي أن يكون له مفهوم، وفي القرن العشرين، بات للصفات الشكلية أهمية ومنزلة خاصة، وذلك عندما أصبح الفن أكثر تجريدًا في تلك الفترة، ومن أجل تعريف الفن وتقييمه (أو تقديره)، تمّ استخدام مبادئ الفن والتصميم، والتي تشمل كلاً من التوازن، والإيقاع، والانسجام، والوحدة.

العلاقة بين الفلسفة والفن

قد يظن البعض أنّ الفلسفة والفن مختلفان اختلافًا كليًا عن بعضهما، لدرجة أنه قد يكون من المستحيل وجود صلة أو رابط بينهما، لكن، على الرغم من الفوارق التي تميز الفلسفة والفن عن بعضهما، إلا أنّ عددًا من أوجه التشابه تجمع بينهما؛ فالفن والفلسفة كلاهما يعكسان علاقة الواقع بالإنسان، ويصوران في مضامينهما الإنسان نفسه، كما يُصوران عالمه الروحي، والعلاقة التي تنشأ بين البشر خلال تفاعلهم مع العالم، فضلاً عن ذلك، يملأ كلٌ من الفلسفة والفن الفجوات التي تخلفها الأفكار التي يتصورها عقل الإنسان، وتمر عليه، كما أنّ الفلسفة تعتبر "فنًا" في عدة أوجه؛ فهي فن التفكير، وهي أيضًا فن التمييز بين المنطقي وغير المنطقي من الأمور، بالإضافة إلى أنها فن التفكير النقدي والتحليلي، وبسبب تميز الفلسفة والفن، فإنّ توظيفهما معًا قادرٌ على خلق تأثير عميق وكبير للغاية، لا يمكن للفلسفة وحدها، أو الفن وحده، التسبب به من دون الآخر.^[٩][١٠]