تعريف الفلسفة الواقعية

مفهوم الفلسفة الواقعية

إنّ للفلسفة الواقعية (بالإنجليزية: Philosophical Realism) العديد من التعاريف التي توضح ماهيتها وحقيقة مفهومها، وفي النقاط التالية استعراضٌ لعددٍ منها:

• التعريف الأول للفلسفة الواقعية: تُعرف الفلسفة الواقعية على أنها ذلك الرأي، أو وجهة النظر التي تنص على أنّ حقيقة الأشياء المادية، وحقيقية المفاهيم المجردة (تعني الأشياء التي لا وجود لما يُمثلها في العالم المادي، ولا ترتبط بأي مكانٍ، أو مادة، أو وقت) موجودة بالفعل في عالمٍ يمتاز باستقلاله عن تصورات المرء وذهنه.^[١][٢]
• التعريف الثاني للفلسفة الواقعية: الفلسفة الواقعية هي الرأي القائل أنّ الكون المادي موجودٌ بالفعل، وموجودٌ حتى قبل أن يلاحظه الإنسان، وهذا الرأي يُمثل حقيقةً مُدركةً بالحواس، تجعل من الكون المادي موجودًا بشكلٍ مستقلٍ عمّا يدور في أذهان البشر، وتنفي أن يكون مجرد وهمٍ أو حلم يحلمون به.^[٣]
• التعريف الثالث للفلسفة الواقعية: تعني الفلسفة الواقعية أنّ لكل شيءٍ حقيقي إثباتات وادعاءات تُثبت واقعيته، وتتناسب مع طبيعته، حتى وإن لم يخطر هذا الشيء على بال أحد، أو يفكر به، أو يدركه، وتقوم الفلسفة الواقعية على فكرة وجود الشيء الحقيقي بصرف النّظر ‏عمّا إذا كان الفرد يؤمن به، أو يستوعبه.^[٤]

اتجاهات وفروع الفلسفة الواقعية

إنّ للفلسفة الواقعية ثلاثة فروع واتجاهات، وهي الواقعية الكلاسيكية، والواقعية الدينية، والواقعية الحديثة، وفي النقاط التالية توضيحٌ لكل واحدةٍ منها:^[٥]

• الواقعية الكلاسيكية: هذا الفرع من الواقعية قائم في الأساس على أفكار الفيلسوف اليوناني أرسطو، والذي يُعرف بلقب "أبو الواقعية"، وتشير أفكاره في هذا السياق إلى أنّ المادة حقيقية، وأنها منفصلة على تصورات البشر؛ بمعنى أنهم قد لا يشعرون بها، وقد لا يرونها كذلك أو يسمعونها، ولكن كل هذا لا يغير من حقيقة أنها موجودة، بالإضافة إلى ذلك، اعتبر أرسطو أنّ المادة لا يمكن أن توجد بدون أفكار، ولكن الأفكار يمكن أن توجد بدون مادة.
• الواقعية الدينية: يُنسب تأسيس هذا التوجه من الفلسفة الواقعية إلى الكاهن الكاثوليكي والفيلسوف توما الأكويني (باللاتينية: Thomas Aquinos)، الذي اعتبر أنّ حقيقية كل شيء تتمثل في الله، واعتبر كذلك أنّ هناك غرضًا واحدًا من الوجود، وهو اتحاد الروح مع الله.
• الواقعية الحديثة: تُنسب الواقعية الحديثة لكلٍ من المفكر السياسي والفيلسوف الإنجليزي جون لوك (بالإنجليزية: John Locke)، والكاتب والفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون (بالإنجليزية: Francis Bacon)، وتشير آراء لوك في هذا السياق إلى أنّ الإنسان يولد صفحةً بيضاء، خاليةً بشكلٍ كاملٍ من الأفكار، وأنه يكتسب المعرفة مما يخوضه من تجارب خلال حياته، ومن التفكير الذي يعقب هذه التجارب، أما بيكون، فقد سعى إلى تغيير طريقة التفكير في الواقعية من المنهج الاستنتاجي إلى المنهج الاستقرائي، وذلك لجعل تفكير الواقعيين أكثر عموميةً، بعيدًا عن التركيز على أفكار معينة في العالم المادي.

مبادئ الفلسفة الواقعية

تقوم الفلسفة الواقعية على عدد من المبادئ، التي يؤمن بها الواقعيون، والتي نذكر عددًا منها فيما يلي:^[٦]

• الاعتماد على العقل: تعتبر الفلسفة الواقعية أنّ الكون يعتمد على العقل، ولا بدّ في هذا السياق التفريق بين هذا المبدأ وبين مبدأ قريبٍ نوعًا ما، تتبناه الفلسفة المثالية، يعتبر أنّ الكون موجودٌ في العقل، وراسخ فيه.
• التركيز على التجربة والملاحظة: تركز الواقعية على التجربة والملاحظة، وتعتبر أنّ قبول التجربة واعتبارها حقيقية، يتطلب تحليلها وتصنيفها.
• الإنسان جزء من العالم المادي: وفقًا للفلسفة الواقعية، فإنّ الإنسان جزء من العالم المادي؛ فهو يمتلك العقل وأعضاء الحس، والتي يستطيع من خلالها اكتساب المعرفة المتعلقة بالعالم الخارجي.
• معارضة الفلسفة المثالية: على عكس المثالية، لا تعترف الفلسفة الواقعية بالمعتقدات التقليدية، وهذا ما يجعل الواقعيين لا يؤمنون بوجود الأمور الأساسية في المعتقدات، كالعالم الآخر والأرواح، ويرى الواقعيون أنّ مثل هذه الأمور تمثل نسجًا من الخيال، ومن هذا المنطلق يعتبرون أنّ الحقائق العلمية للمادة وخصائصها حقيقية.
• واقعية الواقع: من المبادئ الأساسية في الفلسفة الواقعية اعتبار الواقع حقيقيًا، وأنّ الحقيقة المادية للعالم هي أساس التجربة، ولهذا يُسمى الواقعيون بالواقعيين الماديين.
• الحواس هي الطريق إلى المعرفة: تعتبر الواقعية أنّ الإنسان يكتسب المعرفة من خلال الحواس التي يمتلكها، والتي تولد بدورها معرفة تُوصف بأنها حقيقية، نتيجة اتصالها بالعالم الخارجي.