إنّ نقيض التفكير العادي هو التفكير الفلسفي، والذي يُعرف على أنه شكلٌ من أشكال التفكير المبني على استخدام الفرد لعقله، واعتماده على المنطق، والذي يقوده إلى التوصل إلى معرفةٍ متينة الأسس، تناهض قبول كل ما هو جاهزٌ بشكلٍ مسبق، والانقياد الأعمى وراءه،[١][٢] ويتسم التفكير الفلسفي بعددٍ من الخصائص، والتي نتناولها في العناوين التالية في هذا المقال:[٣][٤]


الدهشة

أول خاصية، أو ميزة، من خصائص التفكير الفلسفي هي "الدهشة"، والتي تعني في هذا السياق تعرض كلٍ من العقل، والنفس، والقوة الباطنية، لحالةٍ من المفاجأة، والانفعال، والذهول؛ نتيجة الاطلاع على أمرٍ يتسم بأنه غريب، وعجيب، وخارق للعادة، وغير مألوف، وتعتبر الدهشة واحدةً من خصائص التفكير الفلسفي؛ لأنها محفزةٌ ومثيرة له؛ فعندما يُصاب الإنسان بالدهشة جراء ما يطلع عليه من أمور، يتحفز عقله ليبدأ بالتفكير، في مسعىً للبحث في الأسباب التي تقف وراء ما حفز هذا الشعور لديه من الأساس، ويتسم التفكير الفلسفي القائم على الدهشة بأنه ينظر إلى الأمور، بجميع حيثياتها، من منظورٍ ووجهة نظرٍ تختلف اختلافًا كليًا عن وجهات النظر المعتادة؛ أي تلك التي تُنسب إلى الأفراد العاديين، الذين يقبلون العالم كما هو، ولا يُثار لديهم التفكير الفلسفي.


الاستقلال الفكري

ثاني خاصية من خصائص التفكير الفلسفي هي "الاستقلال الفكري"، ويُقصد بها ترفع التفكير الفلسفي عن التبعية والاتكالية، واعتماد هذا النوع من التفكير على أساسٍ واحدٍ فقط؛ ألا وهو العقل والمنطق، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ خاصية الاستقلال الفكري لها عددٌ من الجوانب التي تختص بها، والتي ندرجها في النقاط التالية:

  • إنّ اتسام التفكير الفلسفي عند الفرد بالاستقلال الفكري يعني قدرته على ممارسة التفكير بنفسه، والتوصل إلى آرائه، وأحكامه، وقراراته الخاصة، والتي ليس بالضرورة أن تكون على خطى، أو قريبةً من، تلك التي يتوصل إليها الأشخاص المحيطون بالفرد، كالشخصيات المؤثرة، والأهل، وحتى الأصدقاء.
  • ولكن، الاستقلال الفكري لا يعني معارضة ما يصدر عن الآخرين، وما لا يتناسب مع آراء الفرد وأهوائه، لغاية الجدال والخصام فحسب، فالفرد الذي يقوم بذلك لا يختلف عمّن يعتمد مبدأ التبعية والاتكالية في تفكيره.
  • وفي نفس السياق، لا يعني الاستقلال الفكري كذلك تجاهل آراء الآخرين وما يصدر عنهم؛ بل هو الانتباه إلى آرائهم وأفكارهم، والبحث في الأمور التي دفعتهم إلى تبنيها، والأسس والحجج التي أقاموها عليها.
  • وبالمختصر المفيد، يصح القول إنّ الاستقلال الفكري، الذي يعتبر من خصائص التفكير الفلسفي، يعني تكوين الفرد لرأيه المستقل، بناءً على استنتاجاته الخاصة، وليس بناءً على ما يقوله الآخرون ويعتقدونه، مع الأخذ بعين الاعتبار في نفس الوقت مراعاة كل ما يصدر عنهم وعدم تجاهله.


التأمل

الخاصية الثالثة من خصائص التفكير الفلسفي هي "التأمل"؛ فالإنسان المستغرق/المتأمل بهذا النوع من التفكير يطغى عليه الموضوع الذي يفكر فيه، ولا يغدو مهتمًا بغيره، ويظل متأملاً فيه، ولكن، لا تقتصر خاصية التأمل التابعة للتفكير الفلسفي على هذه السمة فقط؛ فهي تشتمل أيضًا على مراعاة المشاعر والاهتمامات العملية الأخرى في الحياة، بالإضافة إلى عدم اقتصار تركيز التفكير الفلسفي على موضوع أو سؤال واحد، والسعي لإيجاد حل أو تفسير له طوال الحياة وإلى الأبد، وهذه الجوانب المتعلقة بخاصية التأمل في التفكير الفلسفي لها صلةٌ بالعقلانية؛ أي التصرف على أساس العقل، واستخدامه في الأوقات كلها، وفي مختلف المسائل، واستخدام العقل في خاصية التأمل هنا يتمثل في التركيز، وعمق التفكير والتأمل، في مختلف المواضيع، وعدم إهمال الجوانب الأخرى في الحياة في الوقت ذاته، أو إضاعة العمر والوقت كله على التأمل في موضوع أو مسألة واحدة فقط.


الدقة المنطقية

رابع خاصية نستعرضها من خصائص التفكير الفلسفي هي الدقة المنطقية، والتي تعني اعتماد التفكير الفلسفي، والأفكار المتولدة منه، على المنطق، بالإضافة إلى اتسامها بالجلاء والدقة، والدقة المنطقية تعني كذلك أن يقود التفكير الفلسفي إلى مخرجاتٍ ونتائج لا تشوبها شائبة؛ أي أن تكون يقينية، ولا مجال لنقضها أو إبطالها، أما بالنسبة للأفكار، التي تكون نتاج التفكير الفلسفي، فهي من وجهة نظر الدقة المنطقية يجب أن يُعبر عنها بمفاهيم مجردة ومعينة، تؤدي الغرض والغاية المطلوبة منها.


المراجع

  1. مصطفى قشوح، الفلسفة وأنماط التعبير، صفحة 1-14. بتصرّف.
  2. "Introduction to Philosophical Reasoning", lah.elearningontario, Retrieved 18/2/2023. Edited.
  3. المكتبة الإلكترونيّة للكتب المجانية، التفكير الفلسفي، صفحة 1-29. بتصرّف.
  4. "Lesson Explainer: Characteristics of Philosophical Thinking", nagwa, Retrieved 18/2/2023. Edited.