تعريف الفلسفة التحليلية

مفهوم الفلسفة التحليلية

الفلسفة التحليلية، المعروفة أيضًا بفلسفة التحليل (بالإنجليزية: Analytic philosophy/Analytical Philosophy)، والفلسفة اللغوية (بالإنجليزية: linguistic philosophy) هي تيار فلسفي يعود تاريخه إلى القرن العشرين، وينص على أنّ الأساليب المنطقية يجب أن تُطبق في الفلسفة لتوضيح الأفكار، وأنّ الفلسفة يجب أن تكون متفقة مع ما يتوصل العلم الحديث إليه من اكتشافات، علاوة على ذلك، يعتبر الفلاسفة التحليليون أنّ اللغة هي الأداة الرئيسية والأهم في الفلسفة، حتى أنّ هناك آراءٌ تعتبر بأنها قد تكون الأداة الوحيدة، كما يعتبرون أنّ للفلسفة دورٌ يتمثل في مساعدة الناس على استخدام اللغة، وتوضيح كيفية استخدامها لهم، هذا وتُعرف الفلسفة التحليلية أيضًا على أنها مجموعةٌ من المناهج التي تُعنى بالمشاكل الفلسفية، السائدة في الفلسفة الأنجلو أمريكية منذ أوائل القرن العشرين، وتركز الفلسفة التحليلية على تحليل المفاهيم وفهمها اعتمادًا على المنطق (التحليل المنطقي)، بالإضافة إلى تركيزها على دراسة اللغة لهذه الغاية أيضًا، وعلى الرغم من أنّ غالبية الأعمال ذات الصلة بالفلسفة التحليلية قد تمت في بريطانيا والولايات المتحدة، إلا أنّ هناك دولاً أخرى قدمت مساهماتٍ كبيرةٍ لهذه المدرسة الفلسفية، وخاصة أستراليا، ونيوزيلندا، والدول الإسكندنافية.^[١][٢]

نشأة الفلسفة التحليلية

في النقاط التالية، استعراض لأهم التفاصيل حول نشأة وتاريخ الفلسفة التحليلية،^[٣] والتي تُعرف أيضًا بالتحليل المفاهيمي (بالإنجليزية: Conceptual Analysis):^[٤][٥]

• بدأت ملامح الفلسفة التحليلية تظهر في نهاية القرن 19؛ حيث شهدت العلوم الطبيعية، مثل الأحياء، والفيزياء، والكيمياء، تقدمًا كبيرًا وملموسًا آنذاك، مما حدا بالفلاسفة حينها إلى التفكير بطريقة لحفظ مكانة الفلسفة في ظل تقدم العلوم.
• وفي تلك الفترة، شهدت سمعة المواضيع الرئيسية في الفلسفة (العالم، واللغة، والعقل، والذات) تراجعًا شيئًا فشيئًا، وظهرت مطالبات موجهة للفلاسفة مفادها أن يقوموا بإثبات موضوعية وصحة حججهم التي اقترحوها.
• أدرك الفلاسفة أنّ الأفكار والحقائق الفلسفية لا يمكن إثباتها وتبريرها بشكلٍ تجريبي، أو باستخدام العلوم الطبيعية؛ الأمر الذي دعاهم إلى تأسيس طريقة التحليل المفاهيمي، والتي تغني عن الحاجة إلى تبرير أفكارهم أمام العلوم الطبيعية.
• تشكلت الفلسفة التحليلية كتيارٍ فلسفي عندما ابتكر كلٌ من الفيلسوف البريطاني بيرتراند راسل (بالإنجليزية: Bertrand Russell)، والفيلسوف الإنجليزي ألفريد نورث وايتهيد (بالإنجليزية: Alfred North Whitehead)، ما يُسمى بمنطقانية فريجه (بالإنجليزية: Frege's logicism)، والتي اعتمدوا فيها على المساهمات الرياضية والمنطقية للفيلسوف الألماني جوتلوب فريجه (بالألمانية: Gottlob Frege)، وقد مثلت هذه الطريقة بداية نهجٍ يتسم بالصرامة والمنطقية، فيما يخص تحديد الحجج، والنظريات، والحقائق.
• ومع مرور الوقت، ظهر فلاسفة تحليليون آخرون، وأسسوا تياراتٍ فرعيةٍ خاصةٍ بهم تتعلق بهذا النهج الجديد للتفكير في الفلسفة، وكان من هؤلاء الفلاسفة لودفيغ فتغنشتاين (بالألمانية: Ludwig Wittgenstein)، ورودولف كارناب (بالألمانية: Rudolf Carnap)‏، وامتاز كل تيارٍ من تيارات هؤلاء الفلاسفة بتأكيده على استخدام "طريقة تحليلية" ينتج عنها مفاهيم مسبقة وضرورية، ولا يمكن دحضها.

المبادئ التي قامت عليها الفلسفة التحليلية

قامت الفلسفة التحليلية على ثلاثة مبادئ (أسس وركائز) أساسية، وتشمل هذه المبادئ الآتي ذكره:^[٢]

• لا وجود للحقائق الفلسفية المحددة، وغاية الفلسفة وهدفها هو توضيح الأفكار اعتمادًا على المنطق (التوضيح المنطقي للأفكار).
• لا يمكن تحقيق التوضيح المنطقي للأفكار إلا من خلال استخدام المنطق لتحليل الأفكار الفلسفية (أو القضايا الفلسفية)، ومن طرق ذلك استخدام القواعد والرموز الخاصة بالنظام المنطقي.
• الاهتمام بالتفاصيل والتركيز عليها، ورفض الاعتماد على الأنظمة والنظريات الكبرى الفلسفية، بالإضافة إلى الدفاع عن التفكير السليم واللغة العادية، ضد ادعاءات الميتافيزيقا التقليدية والأخلاق.

خصائص الفلسفة التحليلية

يعتبر أمرًا مستحيلاً تحديدُ خصائص كاملة (مطلقة) للفلسفة التحليلية، وذلك بسبب وجود اختلافات نظرية بين الفلاسفة التحليليين، ولكن هناك سماتٌ تميز هذه المدرسة الفلسفية، وفيما يلي استعراضٌ لأهمها:^[٦]

• تولي الفلسفة التحليلية اهتمامًا بدراسة اللغة ووضع تصورات مفاهيمية للنظريات والحجج، ومع مرور الوقت، شملت هذه الدراسة في نطاقها كلاً من اللغة العادية والمنطق الرسمي.
• التوجه للتقارب مع البحث العلمي الذي يُوظف في العلوم الطبيعية، وذلك من خلال محاولة تحقيق تقارب مع الفيزياء والبيولوجيا بدلاً من تحقيق مثل هذا التقارب مع الجوانب التي لها صلة بمسألة الوجود، والسبب في ذلك يعود إلى اعتقاد فلاسفةٍ وجوديين أنّ الجوانب ذات الصلة بالوجود لا يمكن إثباتها، وبالتالي فهي ليست بذات أهمية.
• الابتعاد عن المسائل التي لها علاقة بالوجود والميتافيزيقيا، والتي تعد من المعضلات الشائعة في الفلسفة، وذلك لأنه من المستحيل تحليلها، وبالتالي ابتعدت الفلسفة التحليلية عن تناولها.
• ارتباط الفلسفة التحليلية بالتجريبية المنطقية (بالإنجليزية: logical empiricism)، والتي تنص على أنّ النوع الصحيح والصالح من المعرفة مصدره المنهج العلمي.