هل الفلسفة ضرورية في حياة الإنسان؟

نُشر في 20 فبراير 2023

ترتبط الفلسفة ارتباطًا وثيقًا بالإنسان؛ فهي تنتمي إلى العلوم الإنسانية التي تتناول جميع جوانب الحياة البشرية،^[١] وعند التأمل في المعنى الحرفي للفلسفة، نجد أنها تعني حب الحكمة، في حين أنها تعني اصطلاحًا سعي الناس لفهم الحقائق بخصوص ما يتعلق ويحيط بهم، بما في ذلك الحقائق المتعلقة بأنفسهم، والعالم الذي يعيشون فيه، والعلاقة مع الآخرين،^[٢] وبسبب العُمق، والأصالة، والتعقيد الذي تتمتع بها الفلسفة؛ فإنه قد يُنظر إليها على أنها مجال لا يعني سوى الأكاديميين والمتخصصين، كما قد يُنظر إليها على أنها من المواضيع القديمة، التي لا تناسب البشرية الآن نتيجة ما طرأ عليها من حداثة وتطور، وبجميع الأحوال، تعتبر هذه الظنون خاطئة، فالفلسفة ضرورية في حياة الإنسان، قديمًا وحديثًا، وهي أيضًا، وعلى الرغم من أنها من المواضيع القديمة التي تعود بداياتها لبداية الحضارة الإنسانية،^[٣] تناسب البشرية في كل الأزمنة، ولا تستثني من فائدتها أيًا من فئات الناس،^[٤] وتشملهم جميعًا بغض النظر عن الاختلافات بينهم،^[٥]^[٦] وفي العناوين التالية استعراض لعدد من الأسباب التي تجعل من الفلسفة ضرورية في حياة الإنسان:^[٧]^[٨]

مساعدة الإنسان على فهم نفسه

تساعد الفلسفة الإنسان على فهم نفسه بشكلٍ أفضل؛ فهي تدعوه لعدم قبول الأشياء كأمورٍ مسلمٍ بها، دون التفكير في الأسباب وراء التصديق بها، كما تعتبر الفلسفة أنّ كل شخص في هذا العالم يختبر تجارب في هذه الحياة، تولد لديه المشاعر والأفكار، تمامًا مثل الأشخاص الآخرين وأنّ أساس فهم الإنسان لنفسه ومكانته في هذا العالم يبدأ من التشكيك في مختلف الأمور، وذلك لفهم كيف تشكلت، وأصبحت جزءًا من الحياة.

تعزيز مهارات التفكير عند الإنسان

من أبرز مهارات التفكير التي تعززها الفلسفة عند الإنسان، مهارة التفكير الناقد، وتحليل المشكلات وإيجاد الحلول لها، بالإضافة إلى اتخاذ القرارات، كما هناك مهارات أخرى مهمة تعززها الفلسفة، مثل مهارة التحدث، والاستماع، والحوار؛ حيث إنّ الفلسفة تشجع على طرح الأسئلة والاستفسارات بخصوص مختلف القضايا، وعلى مناقشتها، مما يتطلب من الأفراد التفكير فيما يتم طرحه، والجدال بخصوصه، وطرح الحجج المُفندة أو المُثبتة، بالإضافة إلى أنّ الفلسفة تمنح الفرد الفرصة للاطلاع على آراء الآخرين، وتوسيع مداركه الفكرية، وتقبل الرأي الآخر.

تنمية الرغبة في التعلم

يعتقد البعض خطئًا أنّ الفلسفة ليست من المواضيع التي يجب تدريسها في المدارس، وذلك بسبب اعتقادهم أنها لا تقدم للطلاب أي فائدة مرتبطة بالحياة الواقعية، غير أنه في الحقيقة، تُنمي الفلسفة عند الطلاب الرغبة في التعلم أكثر، والتوسع في المواضيع التي يدرسونها؛ فهي لا تنحصر في موضوعٍ واحد، ولها تفرعاتٌ في جميع مجالات الحياة، كالأدب، والتاريخ، والرياضيات، والعلوم، كما أنها تعمل على تعزيز قدراتهم التعليمية، من خلال تشجيع الطلاب على طرح الأسئلة بخصوص الأمور التي لا يفهمونها في هذه الحياة.

الاعتماد على العقل في الجدال

من الأمور الأخرى التي تعتبر الفلسفة بسببها ضرورية في حياة الإنسان أنها تدعو إلى الاعتماد على العقل، وفهم الآخرين، والأدلة في الجدالات والنقاشات، وتدعو إلى منع العواطف من السيطرة في مثل هذه المواقف، وتعتبر الفلسفة أنّ الغاية الحقيقية من الجدال والنقاش ليست الفوز؛ بل التوصل إلى ما فيه مصلحة للفرد، وللآخرين، وللعالم بشكلٍ عام، إلى جانب إطلاع الآخرين على وجهات النظر الخاصة بنا، والتي قد لا يكونون مدركين للخير والفائدة فيها، وجعلهم يفهمونها.

الدعوة لتبني الأخلاق

تعتبر الأخلاق من المواضيع المهمة في الفلسفة، والتي تهتم بدورها في تمكين الأفراد من تطبيقها في حياتهم اليومية، إلى جانب تمكينهم من تمييز الخطأ من الصواب، كما تدعو الفلسفة إلى التفكير في المعضلات الأخلاقية التي تواجه الأفراد في الحياة، والأسباب التي أدت لاعتبارها معضلات من الأساس، إلى جانب العواقب التي تترتب على القيام بها، ولأنّ الفلسفة تهتم بالأخلاق؛ فلهذا الأمر عدد من الإيجابيات، مثل تعزيز احترام الرأي الآخر، واحترام الثقافات المختلفة.