ما هي عوامل نشأة الفلسفة اليونانية؟

عوامل نشأة الفلسفة اليونانية

قبل ظهور الفلسفة اليونانية، كان اليونانيون يعتمدون إلى حدٍ كبيرٍ في نظرتهم إلى العالم وتفسيره على الأساطير، ولكن هذا الأمر تغير بعد نشأتها، والتي يقف وراءها العديد من العوامل،^[١] التي نستعرضها في النقاط التالية:^[٢][٣]

• ظهور الحضارة اليونانية: أول عاملٍ من عوامل ظهور الفلسفة اليونانية هو ظهور الحضارة اليونانية، التي تعتبر المهد الحاضن لها، وقد ظهرت هذه الحضارة نتيجة اتحاد الشعوب التي كانت تقطن عدة مناطق مختلفة، شملت كلاً من: شبه جزيرة البيلوبونيز، وجزر بحر إيجة، وصقلية، والبلقان، وجنوب إيطاليا، والأناضول.
• شيوع الديمقراطية: عندما وصل السياسي اليوناني بريكليس (بالإنجليزية: Pericles) إلى حكم مدينة أثينا اليونانية، عمل على تبني الديمقراطية في عمله، والحد من سلطة الأقليات في الحكم، ومن مظاهر الديمقراطية التي كانت شائعة في عهده: منح المواطنين حقوقهم، وتطبيق القانون وسيادته على الجميع، ومنع الظلم الاجتماعي على الفئات الضعيفة والفقيرة.^[٤]
• النمو الاقتصادي: امتاز الاقتصاد اليوناني بازدهاره في مختلف المجالات، بما فيها التجارة، والصناعة، والزراعة؛ فقد كانت الرحلات التجارية البحرية تُسير للمناطق المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط، وكان معدن الحديد يُصهر ويُستخدم لصناعة مختلف الأدوات، وتمّ تشغيل الأفراد للعمل في الأراضي الزراعية، وقد ساهمت جميع هذه العوامل في تمكين طبقة الأغنياء من الوصول إلى مناصب السلطة، كما ساهمت أيضًا في نشأة طبقات اجتماعية لم تكن موجودة مُسبقًا في المجتمع اليوناني، مثل طبقة التجار وأصحاب الحرف.
• القضاء على حكم الأقلية: شهد نظام الحكم في اليونان تغيرًا جذريًا، بعد انتزاع السلطة من المجموعات، التي تضم أعدادًا قليلة مقارنةً ببقية الشعب، والتي كانت تملكها، بحجة النفوذ، والمال، ونسب العائلة.
• انتشار الثقافة والمعرفة: مهد هذا الانتشار الطريق أمام ظهور الفلسفة اليونانية إلى حد كبير، وكان من أبرز مظاهره: عدم اقتصار التعليم على مجموعة معينة في المجتمع، بالإضافة إلى فقدان الأساطير أهميتها مقابل صعود دور العقل، وانتشار معارف وعلوم جديدة آنذاك، كالفلك والرياضيات.

دور الفلاسفة في نشأة الفلسفة اليونانية

ساهمت أعمال وآراء الفلاسفة الإغريق في نشأة الفلسفة اليونانية وتحديد ملامحها، وفي النقاط التالية استعراضٌ لأهم أدوارهم:^[٥][٦]

• كان الحافز الأساسي وراء المحاولات الفلسفية لتفسير العالم وظواهره، والتي بذلها الفلاسفة المنتمين لعصر الحكماء، المعروف بعصر ما قبل سقراط، يتمثل بإيمانهم بأن الظواهر الطبيعية ليست من فعل الآلهة، بل يقف وراءها أسبابٌ منطقية، يمكنهم التوصل إليها وإدراكها عبر توظيف العقل.
• يعتبر طاليس الملطي (بالإنجليزية: Thales of Miletus) أول فيلسوفٍ يوناني في التاريخ، وتميزت إنجازاتهُ بربطها الفلسفةَ بالعالم المادي، والتي كان من أهمها إشارتهُ إلى أنّ الماء هو العنصر الذي خُلق منه كل شيء في الكون، مما يجعله أهم عنصرٍ فيه، بالإضافة إلى ذلك، نجح طاليس الملطي في العام 585 ق.م في توقع موعد حدوث ﻛﺴﻮﻑ ﺍﻟﺸﻤﺲ بشكلٍ صحيح، كما كان أول فيلسوف يوناني يشير إلى كروية الأرض.
• أما ديموقريطوس، المعروف أيضًا بديمقراط (بالإنجليزية: Democritus)، فقد أشار في آرائه إلى أنّ العالم ليس مكونًا من أيٍ من العناصر المعروفة للإنسان، بل هو مكونٌ من الذرة، التي وصفها بأنها عنصرٌ غير مألوف، وقد ساهمت آراؤه هذه في تغيير وجهة النظر السائدة بين الإغريق بخصوص العالم.
• ومن جهةٍ أخرى، ناهض الفيلسوف كزينوفانيس (بالإنجليزية: Xenophanes) الأساطير وتأثيرها على الأفراد، واتباعهم لها، واعتبر أنّ الآلهة في جميع الأساطير تشبه البشر وصفاتهم، أما هرقليطس، المعروف كذلك بهيراقليتوس (بالإنجليزية: Heraclitus)، فقد زعم أنّ النار هي أصل الكون، بما في ذلك الآلهة، وأنّ كل شيءٍ فيه وُجد من النار.

تصنيف فلاسفة اليونان

كما ذكرنا سابقًا، فقد كان للفلاسفة الإغريق دور أساسي في نشأة وتطور الفلسفة اليونانية، ويُصنف هؤلاء الفلاسفة إلى ثلاث مجموعات، نستعرضها في النقاط التالية:^[٧]

• فلاسفة مرحلة ما قبل سقراط: كان هؤلاء الفلاسفة يعتقدون أنّ الإنسان لم يُخلق من أكثر من مادة، بل من مادة واحدة فقط، وكان أغلبهم يركز على الظواهر في الطبيعية ودراستها، وتفسيرها، ومن أشهر فلاسفة هذه المرحلة فيثاغورس الساموسي (بالإنجليزية: Pythagoras of Samos)، الذي وضع نظرية فيثاغورس في الرياضيات.
• الفلاسفة السقراطيين: يشمل هؤلاء الفلاسفة كلاً من: سقراط، وأفلاطون، وأرسطو، وقد كان سقراط يُدرس طلابه عبر طرح الأسئلة عليهم، والتي تحتاج منهم إلى التفكير وإعادة النظر في معتقداتهم وأفكارهم الأصلية، أما أفلاطون، فقد كان تلميذ سقراط، وركزت أعماله على كل ما يتعلق بالسلوك الإنساني، مثل مسائل المساواة والفضائل، في حين أنّ أرسطو تأثر كثيرًا بأفلاطون، وأسس علم الحيوان الحديث، وطور المنطق.
• فلاسفة مرحلة ما بعد سقراط: امتاز هؤلاء الفلاسفة بتحول اهتمامهم من القضايا المجتمعية، ليصبح مُنصبًا على الفرد، ونتج عن هذا أربع مدارس فلسفية، هي: المدرسة الرواقية، والكلبية، والأبيقورية، والشكوكية.