المنطق المادي

مفهوم المنطق المادي

المنطق (بالإنجليزية: Logic/Reasoning) هو مجموعة من الأساليب والقواعد (القوانين)، التي تُستخدم للتفريق بين نوعي التفكير السيء والجيد، من خلال قيامهِ بصياغة أسس (معايير) دقيقة يتم على أساسها تقييم التفكير، إضافة إلى قيامهِ بإيجاد طرق يمكن من خلالها تطبيق هذه الأسس على حالاتٍ معينة، ويعرف المنطق أيضًا على أنه عملية التوصل إلى استنتاجات، بالإضافة إلى أنه الأداة المُستخدمة في ذلك، ويعتبر المنطق فرعًا من فروع الفلسفة،^[١]وله أربعة أنواع أساسية، هي المنطق المادي، والمنطق الصوري، والمنطق الرمزي، والمنطق الرياضي،^[٢] وبالنسبة للمنطق المادي (بالإنجليزية: Inductive Reasoning)، فهو معروفٌ أيضًا بالمنطق الاستقرائي، ويُعرف على أنه عملية يجري فيها الجمع بين عدد من المُقدمات (الافتراضات الأساسية)، والتي يُعتقد أنها صحيحة، أو تكون صحيحة في الغالب، وذلك بغرض التوصل إلى نتيجة معينة، كما يُعرف هذا النوع من المنطق على أنه مهارة شخصية، يندرج تحتها التوصل إلى استنتاج عامٍ، اعتمادًا على ما يقوم الفرد بملاحظته من ظواهر وحقائق معينة؛ أي أنّ المنطق المادي بمعنى آخر هو نهجٌ للتوصل إلى الاستنتاجات، وغالبًا ما يتم توظيفه بطريقة غير رسمية، في مواقف الحياة اليومية.^[٣][٤]

أنواع المنطق المادي

هناك الكثير من أنواع المنطق المادي، والتي تُمثل طرق تطبيق، أو استخدام، هذا النوع من المنطق، بناءً على اختلاف المواقف، وفيما يلي استعراضٌ لعددٍ من هذه الطرق:^[٥][٦]

التعميم الاستقرائي (Inductive generalization)

• المفهوم: نوع من أنواع المنطق المادي، يتم فيه التوصل إلى نتيجة من خلال النظر في الأدلة والملاحظات المأخوذة من المواقف السابقة.
• مثال: على مدار الخمس سنوات السابقة، نجحت الشركة في تحقيق أهدافها بحلول الربع الأخير من العام، وبناءً على هذه المعلومات، من المرجح أن تحقق الشركة أهدافها بحلول الربع الأخير من هذا العام أيضًا.
• توضيح المثال: في المثال أعلاه، تم التوصل إلى نتيجة (من المرجح أن تحقق الشركة أهدافها بحلول الربع الأخير من هذا العام أيضًا)، عبر النظر في الأدلة والملاحظات المأخوذة من المواقف السابقة (على مدار الخمس سنوات السابقة، نجحت الشركة في تحقيق أهدافها بحلول الربع الأخير من العام).

الاستقراء الإحصائي (Statistical induction)

• المفهوم: من طرق استخدام المنطق المادي، وهو أيضًا نوع فرعي من التعميم الاستقرائي، ويتم فيه التوصل إلى استنتاجات عبر استخدام البيانات الإحصائية.
• مثال: تمكن 95% من فريق خدمة العملاء من خدمة أكثر من 1000 عميل خلال الشهرين الماضيين، وجاك هو أحد أفراد فريق خدمة العملاء، وعلى الأرجح قام بخدمة أكثر من 1000 عميل خلال الفترة المذكورة.
• شرح المثال: في المثال أعلاه، تم التوصل إلى استنتاجات (جاك على الأرجح قام بخدمة أكثر من 1000 عميل خلال الشهرين الماضيين) من خلال استخدام بيانات إحصائية (تمكن 95% من فريق خدمة العملاء من خدمة أكثر من 1000 عميل خلال الشهرين الماضيين، وجاك هو أحد أفراد فريق خدمة العملاء).

التفكير العرضي (Casual reasoning)

• المفهوم: هو تكوين روابط منطقية بين السبب والنتيجة المحتملة، بناءً على أدلة يمكن ملاحظتها، تعزز من وجود علاقة قوية بين الحالة الأولية (الموقف الأولي) والاستناج (الاستدلال) الذي يتم التوصل إليه.
• مثال: بعد كل مرة تتناول فيها صوفيا البطيخ تظل تشعر بآلامٍ في المعدة، وهي لا تُصاب بمثل هذه الآلام بعد تناولها أصناف الفاكهة الأخرى، لهذا فإن البطيخ قد يكون مسببًا لآلام المعدة عند صوفيا.
• شرح المثال: في المثال أعلاه، تم تكوين روابط منطقية بين السبب (آلام المعدة عند صوفيا بعد تناول البطيخ) والنتيجة المحتملة (البطيخ قد يكون مسببًا لآلام المعدة عند صوفيا)، بناءً على أدلة يمكن ملاحظتها (تظل صوفيا تشعر بآلامٍ في المعدة بعد كل مرة تتناول فيها البطيخ، وهي لا تُصاب بمثل هذه الآلام بعد تناولها لأصناف الفاكهة الأخرى).

الاستقراء عن طريق التأكيد (Induction by confirmation)

• المفهوم: يتم في الاستقراء عن طريق التأكيد التوصل إلى نتيجة، وتكوين استنتاج، من خلال قبول افتراضات معينة، ومن ثم يمكن العمل على جمع الأدلة لإثباتها وتأكيدها.
• مثال: الشخص الذي يقوم باقتحام مبنىً ما، يمتلك الفرصة لذلك، كما يمتلك الدافع، والوسيلة، وجيمس كان موجودًا في المنطقة المحيطة بالمبنى الذي تمّ اقتحامه، وهو على علاقة سيئة بمالكهِ، كما أنه يمتلك كل مفاتيح الأبواب في المبنى، لهذا من المحتمل أن يكون جيمس هو من اقتحم المبنى.
• شرح المثال: في المثال أعلاه، تمّ التوصل إلى نتيجة، وتكوين استنتاج، وهو (أن يكون جيمس هو من اقتحم المبنى)، من خلال قبول افتراضات معينة (الشخص الذي يقوم باقتحام مبنىً ما، يمتلك الفرصة لذلك، كما يمتلك الدافع، والوسيلة)، تتمثل أدلتها في أنّ (جيمس كان موجودًا في المنطقة المحيطة بالمبنى الذي تمّ اقتحامه، وهو على علاقة سيئة بمالكهِ، كما أنه يمتلك مفاتيح جميع الأبواب في المبنى).

مجالات استخدام المنطق المادي

هناك العديد من المجالات في الحياة التي يتم فيها تطبيق المنطق المادي، وتمتاز هذه المجالات باختلافها عن بعضها، بالإضافة إلى اختلاف الغايات التي تخدمها، وتشمل مجالات استخدام المنطق المادي (أولاً) الحياة اليومية، وذلك بغرض تكوين وبناء فهمٍ يتعلق بالعالم من حولنا، (ثانيًا) وفي المنهج العلمي، الذي يقوم فيه العلماء بتجميع المعلومات من خلال الملاحظة والتجربة، ومن ثم بناء الفرضيات على المعلومات والبيانات التي تمّ جمعها، واختبار النظريات العلمية التي تمّ التوصل إليها بشكلٍ معمق، (ثالثًا) إلى جانب استخدامه كذلك في التفكير الأكاديمي.^[٧]

متطلبات المنطق المادي

هناك عددٌ من المتطلبات والمهارات التي يحتاجها تطبيق المنطق المادي، وتطويره، والتي تشمل الآتي ذكره:^[٨]

• الاهتمام بالتفاصيل: تُعد ملاحظة التفاصيل، وتركيز الاهتمام عليها، مفتاح الاعتماد على هذه التفاصيل لاستخلاص الاستنتاجات، والتوصل إليها.
• تمييز الأنماط: إنّ تمييز الأنماط المختلفة، والتعرف عليها، يساعد على تمييز كيف تساهم في اتخاذ الأحداث مجرىً معين، يؤدي إلى نتيجة ما.
• وضع التوقعات: هذه المهارة مرتبطة بشكل وثيق مع تمييز الأنماط؛ إذ إنّ تمييز الأنماط يعزز من القدرة على التنبؤ ووضع التوقعات، بخصوص المستقبل، اعتمادًا على المعلومات المتوافرة.
• قوة الذاكرة: تذكر الأحداث الماضية وتفاصيلها مهمٌ لغايات التوصل إلى الاستنتاجات، ومن الطرق التي يمكن الاعتماد عليها لتقوية الذاكرة، كتابة الملاحظات من أجل الرجوع إليها في وقتٍ لاحق.
• الذكاء العاطفي: يتضمن الذكاء العاطفي القدرة على فهم المشاعر التي تخفيها تصرفات الآخرين، والتي تساعد على التوصل إلى استنتاجات لها صلة بالمشاكل والمسائل المتعلقة بالأفراد.