ما هي الأفلاطونية المحدثة؟

مفهوم الأفلاطونية المحدثة

الأفلاطونية المحدثة (بالإنجليزية: Neoplatonism) هي آخر مدارس الفلسفة اليونانية، وتعرف على أنها حركة فلسفية أطلقها الفيلسوف أفلوطين (بالإنجليزية: Plotinus)، ويعود تاريخها إلى القرن الثالث الميلادي، وقد عملت الأفلاطونية المحدثة على إعادة تفسير الأفكار المنسوبة للفيلسوف أفلاطون، وقد اعتبرت هذه المدرسة الفلسفية أنّ عالمنا عبارةٌ عن نسخة من واقعٍ يتسم بالمثالية، ويقع هذا الواقع المثالي خارج العالم المادي، بالإضافة إلى أنها قد جادلت بأنّ الواقع المثالي الذي يعتبر عالمنا نسخة منه يتكون من ثلاثة مستويات (الواحد، العقل، الروح)، يكون المستوى النهائي من بينها، أو المستوى الأفضل (الواحد)، شيء لا يمكن لفهمنا إدراكه إلا من خلال خوض تجربة روحية خاصة (تجربة صوفية).^[١][٢]

نبذة عن نشأة الأفلاطونية المحدثة

تأسست الأفلاطونية المحدثة على يد الفيلسوف أفلوطين، وأستاذه أمونيوس السقاص (بالإنجليزية: Ammonius Saccas)؛ حيث عمل أفلوطين على وضع نظرياته ذات الصلة بهذه المدرسة الفلسفية، في مسقط رأسه في مدينة الإسكندرية في مصر، وواصل ذلك في وقت لاحق في مدينة روما، ولم يقتصر تأثر أفكار أفلوطين على أفكار الفلسفة اليونانية القديمة فقط؛ بل تأثر أيضًا بفلسفات كلٍ من مصر، وبلاد فارس، والهند، وعلى الرغم من أنّ الغاية الأصلية لأفلوطين تمثلت في الحفاظ على تعاليم الفيلسوفين أفلاطون وسقراط، إلا أنّ تأثره هذا جعله يجمع بين الأفلاطونية (بالإنجليزية: Platonism)،^[٣] والتصوف الشرقي، وعلى هذا الأساس، تعتبر الأفلاطونية المحدثة "فلسفة دينية"؛ فهي تجمع أحد أشكال الوحدانية، بشكله المثالي، مع المعتقدات ذات الصلة بتعدد الآلهة، وتنص على الأفلاطونية المحدثة على أنّ هناك "مصدرًا بدائيًا للوجود"، وتطلق عليه اسم "الواحد"، وهذا "الواحد" لا يتفوق عليه أحدٌ بعظمته وقدرته، وهو مصدر كل شيءٍ آخر في الكون، ويصعب على العقول إدراكه، وفي سياقٍ متصل، سعى فلاسفةٌ ينتمون إلى الأفلاطونية المحدثة، في أوقاتٍ لاحقة، إلى تفسير العالم، من خلال إضافة مئات الكائنات الوسيطة، أمثال الآلهة، والشياطين، والملائكة إلى أفكارهم.^[٤]

أهم معتقدات الأفلاطونية المحدثة

تجمع الأفلاطونية المحدثة بين فلسفات العديد من المعتقدات، بما في ذلك المعتقدات التي لها علاقة بالأساطير، بالإضافة إلى معتقدات الديانات الوثنية، وحتى معتقدات الديانات السماوية، وغيرها، وتتطرق إلى ما يُسمى بنظرية "الفيض"، والتي على أساسها تعتبر أنّ هناك إلهًا (الواحد) منهُ تفيض كل الأشياء في الكون، وعملية الفيض هذه، والتي عن طريقها تنبثق الموجودات والأشياء، وتتولد، لا تؤثر على كمال الإله (الواحد)، ولا تنقص منه شيئًا، فضلاً عن ذلك، تنص الأفلاطونية المحدثة على أنّ الفيض، الذي منه تفيض الموجودات في الكون من الواحد، لا يتقيد، ولا ينقطع، ولا يكون للتاريخ والزمن يدٌ في تحديده، وتمتاز عملية الفيض بدقتها، ولهذا فهي لا تُخلف في الكون أي خلل أو نقصان، وعلى هذا الأساس، تُفسر الأفلاطونية المحدثة أنّ الشر في المرء ليس مصدره وجود خلل أو عيب في عملية الفيض، إنما هو نتيجة لانصراف الإنسان عن "الخير أو الألوهية"، هذا وتنص الأفلاطونية المحدثة على أنّ "العقل أو الروح" هو ما تبدأ فيه عملية الفيض، يليه النفس، ومن بعدها المكان والزمان (حيث الواقع الحسي)، أما الألوهية، فوفقًا للأفلاطونية المحدثة، فالوصول إليها أمرٌ يعجز العقل عن تحقيقه، وتحقيقها يتطلب من الإنسان أن يقوم أولاً بإهلاك أهواء جسده، ومن ثم يقوم بالتطهر، ليفني بعدها في "الواحد".^[٥][٦]

فلاسفة الأفلاطونية المحدثة

تجدر الإشارة إلى أنّ الأفلاطونية المحدثة قد سادت في العصور القديمة المتأخرة، وكان لها تأثير واسع النطاق عندما تبناها فلاسفة ومفكرون مسيحيون ومسلمون، أما مصطلح "الأفلاطونية المحدثة"، فقد تمت صياغته في أواخر القرن الثامن عشر، لتمييز هذه المدرسة الفلسفية عن الأفلاطونية الأصلية، وقد كان فلاسفة الأفلاطونية المحدثة قبل ذلك يعرفون أنفسهم على أنهم "أفلاطونيون"، رغم الاختلاف الكبير بين أفكارهم وأفكار الفيلسوف أفلاطون، وفيما يلي استعراضٌ لعددٍ من أسماء فلاسفة الأفلاطونية المحدثة:^[٧][٨]

• أفلوطين (Plotinus).
• أمونيوس السقاص(Ammonius Saccas).
• فرفوريوس الصوري (Porphyry of Tyre).
• يامبليخوس (Iamblichus).
• هيباتيا السكندرية (Hypatia).
• برقلس (Proclus).