مفهوم الفلسفة الحديثة

الفلسفة الحديثة (بالإنجليزية: Modern philosophy)، هي أحد المدارس الفكرية التي تبني أفكارها على ما توصلت إليه الأبحاث من نتائج، ويعتمد الفكر المنبثق من هذا النوع من الفلسفة على الحقائق، التي تمتاز بتنوعها وبأنها منطقية ومقبولة؛ الأمر الذي يجعل من الفلسفة الحديثة مختلفة عن الفلسفة التقليدية، والتي تستند بعض جوانبها على الأساطير والمُبهمات، وتجدر الإشارة إلى أنّ أفكار وحقائق الفلسفة الحديثة قد شهدت تدوينًا كتابيًا لتتناقلها الأجيال، على عكس الفلسفة التقليدية التي لم يتم كتابتها،[١] وتُعتبر الفلسفة الحديثة واحدة من الفترات الحيوية التي شهدتها الفلسفة في أوروبا الغربية خلال القرنين 17 و 18، وقد شهد الفلاسفة في خضمها عددًا من أعظم التحديات الفكرية في التاريخ، والتي تمثلت في محاولاتهم توفيق التطورات العلمية، التي ظهرت بعد إنجازات العالم البولندي نيكولاس كوبرنيكوس (باللاتينية: Nicolaus Copernicus) والعالم الإيطالي غاليليو غاليلي (بالإيطالية: Galileo Galilei)، مع كلٍ من مبادئ الفلسفة الأرسطية التقليدية والدين المسيحي.[٢]


عوامل ظهور الفلسفة الحديثة

ساهمت عددٌ من العوامل في ظهور الفلسفة الحديثة، ويمكن تلخيص أهمها في النقاط التالية:[٣][٤]


العوامل التاريخية

تمثلت العوامل التاريخية التي ساهمت في نشأة الفلسفة الحديثة بعددٍ من الوقائع والأحداث، التي غطت مناطق مختلفة من العالم، وكان لها دورٌ في تيسير الانفتاح بين الشعوب وتغير نُهج التفكير المعتادة المنبثقة من أفكار الفلسفة التقليدية، ومن أهم هذه العوامل والأحداث التاريخية ما يلي:

  • استيلاء الإسبان على الإرث العربي في الأندلس بعد سيطرتهم عليها في أواخر القرن 15.
  • اكتشاف طريق تجارية بحرية مكنت الأوروبيين من الوصول إلى الهند وعموم قارة آسيا بشكل أسهل، من خلال الدوران حول أفريقيا، وهي طريق رأس الرجاء الصالح.
  • وصول الحملات الاستكشافية إلى مناطق جديدة من العالم، عمل الأوروبيون على استغلال مواردها والاستيطان في أراضيها، وأهمها قارة أمريكا، التي اكتشفها كولومبوس عام 1492.


العوامل العلمية

يُعد التطور العلمي من ملامح الفترة التي ظهرت فيها الفلسفة الحديثة، وقد امتاز هذا التطور بتركيزه على مختلف المجالات العلمية، وقد كان للاكتشافات العلمية التي ظهرت في القرنين 16 و 17 دورٌ مهم في تغيير الأفكار الفلسفية وجعلها أكثر حداثة، وكان من أبرز المواضيع العلمية التي ساهمت في ذلك الرياضيات والفلك، ومن أبرز العوامل والاكتشافات العلمية التي ساهمت في ظهور الفلسفة الحديثة ما يلي:

  • ظهور التطورات في مجال العلوم الطبيعية؛ بسبب عدد من الاختراعات والاكتشافات، والتي من أشهرها قانون الجاذبية بواسطة إسحاق نيوتن (بالإنجليزية: Isaac Newton)‏، إلى جانب قوانين حركة الكواكب التي وضعها العالم الألماني هانس كيبلر (بالألمانية: Johannes Kepler)‏.
  • قيام مجموعة من العلماء بعدة اكتشافات في مجال العلم الفيزيائي، مثل: النظرية الموجية للضوء بواسطة كريستيان هوغنس (بالهولندية: Christiaan Huygens)‏، والدورة الدموية بواسطة ويليام هارفي (بالإنجليزية: William Harvey).


عوامل عصر النهضة

كان لعصر النهضة الأوروبي دورٌ مهم في ظهور الفلسفة الحديثة، وترجع بوادر ظهورهِ إلى العام 1453، عندما فتح الأتراك القسطنطينية، بالإضافة إلى تسعينات القرن الخامس عشر، عندما سيطر الإسبان على مدينة غرناطة، ليكتمل استيلائهم على جميع مناطق الأندلس، ومن أبرز العوامل التي رافقت عصر النهضة وكان لها دور في تطوير الفكر الفلسفي ما يلي:

  • شهدت أوروبا في عصر النهضة نشاطًا أدبيًا، استهدف إحياء الأدب اليوناني واللاتيني.
  • نشطت حركة نقدية فكرية، سعت إلى نقد الفلسفة السائدة لأرسطو، من خلال الأفكار التي تمّ تحديثها والتي جاءت في الأساس في فلسفة كلٍ من أفلاطون وأفلوطين، والتي تدعو للاستعانة بالعقل، والتجربة، والملاحظة، والاستقراء لإثبات الأمور وتصديقها.


العوامل الدينية

تتمثل العوامل الدينية التي ساهمت في نشأة الفلسفة الحديثة بما يلي:

  • ظهور حركة الإصلاح الديني، والتي سعت لكف يد الكنيسة الكاثوليكية عن السيطرة على الدولة، بالإضافة إلى الحد من سلطة رجال الدين وتفسيراتهم التي أدت للابتعاد عن المبادئ المسيحية الحقيقية، وقد قاد هذه الحركة الراهب الألماني مارتن لوثر (بالألمانية: Martin Luther)، والقس الفرنسي جان كالفن (بالفرنسية: Jean Calvin).
  • ظهور حركات مسيحية تقوم على الأسس الأخلاقية في الدين، مثل: عدم المغالاة في أسلوب المعيشة، والعمل، وصحوة الضمير، وإلغاء تحكم الكنيسة ورجال الدين بالفرد، وتشمل هذه الحركات كلاً من البروتستانتية والبيوريتانية.
  • ترجمة الكتاب المقدس إلى عدة لغاتٍ أوروبية، بعدما كان متاحًا فقط باللاتينية، وكانت أول ترجمة للكتاب المقدس بواسطة مارتن لوثر، والذي ترجمه إلى الألمانية، ولتقوم بعده عدد من حركات الترجمة، التي ساهمت في جعل الكتاب المقدس مقروءًا من قبل الجميع، وليس حكرًا فقط على رجال الكنيسة.


المراجع

  1. "DIFFERENCE BETWEEN TRADITIONAL AND MODERN PHILOSOPHY", atikaschool, Retrieved 25/7/2022. Edited.
  2. "Modern Philosophy", newworldencyclopedia, Retrieved 25/7/2022. Edited.
  3. "الفلسفة الحديثة: عوامل نشأتها وخصائصها العامة"، الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن، اطّلع عليه بتاريخ 25/7/2022. بتصرّف.
  4. راوية عبد المنعم عباس، كتاب الفلسفة الحديثة النصوص، صفحة 11-29. بتصرّف.