تعريف فلسفة العلوم

مفهوم فلسفة العلوم

تُعرف فلسفة العلوم (بالإنجليزية: Philosophy of science) على أنها أحد المجالات الفرعية المنبثقة من الفلسفة، والتي تهتم بشكلٍ خاص بالعلم، وما يُنسب إليه من أُسسٍ، وطرائق وأساليب، وتداعياتٍ وتأثيرات، وتتناول فلسفة العلوم كذلك عددًا من الأسئلة، وتتدارسها، وتتمثل موضوعات هذه الأسئلة في الأمور التي ترقى لمستوى اعتبارها "علمًا"، إلى جانب صحة، وموثوقية، ومصداقية النظريات العلمية، والغاية والغرض النهائي من العلم، وبمعنىً آخر، يصح اعتبار فلسفة العلوم، وتعريفها، على أنها دراسةٌ، من منظورٍ فلسفي، للعناصر التي يتضمنها البحث العلمي، أو الاستقصاء العلمي، علاوةً على ذلك، عندما يبحث هذا الفرع من الفلسفة في العلاقة بين الحقيقة والعلم، فإنه يتداخل مع كلٍ من نظرية المعرفة (الإبستمولوجيا)، وعلم الوجود (الأنطولوجيا)، وما وراء الطبيعة، أو الماورائيات (الميتافيزيقا)،^[١][٢] ولا بدّ من الإشارة في هذا السياق، إلى أنّ أصل، ونشأة، وتطور فلسفة العلوم يتمثل في المساهمات العلمية التي قام بها عددٌ من الفلاسفة، والذين كان من أبرزهم، على سبيل الذكر لا الحصر، الفيلسوفان اليونانيان أفلاطون وأرسطو، اللذان عملا (أولاً) على تحديد الفروقات بين أشكال التفكير التقريبي والدقيق، (ثانيًا) وقاما بوضع مخطط لأنواع الاستدلال، والتي تشمل كلاً من الاستدلال الاستنتاجي، والاستنباطي، والاستقرائي، (ثالثًا) وساهما بتحليل المنطق اعتمادًا على القياس.^[٣]

خصائص فلسفة العلوم

تتسم فلسفة العلوم بعددٍ من الخصائص، والتي نستعرضها في النقاط التالية:^[٤]

• ليست دراسة تجريبية للعلوم: لا تعتبر فلسفة العلوم في أصلها دراسةً تجريبية (دراسة تطبيقية) للعلوم، وذلك لأن الفلاسفة، بشكلٍ عام، لا يشاركون، أو ينخرطون، في البحوث التجريبية؛ بل يتعلمون شيئًا بسيطًا عن فروع العلوم وتاريخها.
• الاهتمام بالتوضيح المفاهيمي: تهتم فلسفةُ العلوم بشكلٍ أساسي بالتوضيح المفاهيمي (بالإنجليزية: Conceptual Clarification)، والذي يُعرف على أنه توصيف، وتمييز، وتحديد المفاهيم.
• اعتماد المعيارية: المعيارية تعني التقييم، وإصدار الأحكام على شيء ما، وبالنسبة لفلسفة العلوم، فهي بطبيعتها معيارية؛ إذ تطرح الأسئلة على الأساليب التي يوظفها العلماء، والنتائج والاستنتاجات التي يتوصلون إليها، وتسعى لتحديد مدى مناسبتها، وما إذا كانت مبررة.^[٥]
• الاهتمام بمفاهيم التخصصات: بالنسبة لمفاهيم التخصصات الأخرى، والتي يتم اعتبارها في هذه التخصصات أمرًا مفروغًا منه، ومسلمًا به، فإنّ فلسفة العلوم تولي هذه المفاهيم اهتمامًا خاصًا.
• تبني نهج تقييمي نقدي: تستخدم فلسفة العلوم نهجًا تقييميًا نقديًا، يسعى من ورائه إلى تبيان الأسباب التي يتم على أساسها تحديد مدى جودة التفسير المستخدم لتوضيح فكرة ما، والطرق المستخدمة لتحليل معطيات ما.
• التركيز على التحليل المفاهيمي: يُعرف التحليل المفاهيمي (بالإنجليزية: Conceptual analysis) على أنه عملية تمييز المصطلحات، وتحليل المفاهيم التي تُشير إليها، ومن ثم توضيح وشرح ما تمّ التوصل إليه، ومن خصائص فلسفة العلوم التأكيد على التحليل المفاهيمي، والذي يعني بتعبير آخر، تفسير وتوضيح الشرح.^[٦]

فلاسفة متخصصون بفلسفة العلوم

فيما يلي استعراضٌ لعددٍ من أسماء هؤلاء الفلاسفة، إلى جانب أهم مساهماتهم في هذا المجال:^[٧]

• أرسطو (384-322 قبل الميلاد): يعتبر الفيلسوف أرسطو مؤسس العلم، ومؤسس فلسفة العلوم؛ حيث تناولت العديد من مؤلفات أرسطو موضوعاتٍ لها صلة بالعلوم، والتي تعرف في وقتنا هذا بالفيزياء، وعلم النفس، وعلم الكيمياء، والرياضيات، والمنطق، ونظرية المعرفة، وعلم الفلك.
• فرانسيس بيكون (1561-1626م): عمل الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون (بالإنجليزية: Francis Bacon) على الترويج لمنهج علمي، يقوم العلماء فيه بجمع الكثير من التجارب، والملاحظات، والحقائق، ومن ثم يتوصلون إلى استدلالات استقرائية بخصوص الأنماط في الطبيعة.
• رينيه ديكارت (1596-1650): كان ديكارت (بالفرنسية: René Descartes) فيلسوفًا، وعالم رياضيات، وفيزيائيًا فرنسيًا، تمثلت واحدةٌ من أبرز مساهماته في تأسيس منهجٍ علمي يتم فيه الاستدلال والاستنتاج من المبادئ الأولى (افتراضات واقتراحات أساسية لا تُستخلص من الافتراضات والاقتراحات الأخرى)، وقد أثرت أفكاره، إلى جانب مساهماته في الرياضيات، على العديد من شخصيات الثورة العلمية، أمثال نيوتن.
• بيير دوهيم (1861-1916): كان بيير دوهيم (بالفرنسية: Pierre Duhem)‏ فيلسوفًا وعالمًا فرنسيًا، وقد كان مدافعًا عن التجريبية، مبررًا ذلك بأنه لا يمكن التوصل إلى استنتاجات بخصوص الأشياء التي لا يمكن مراقبتها ورصدها، مثل الذرات والجزيئات، عبر النظريات القائمة على التخمين.
• كارل بوبر كارل بوبر (1924-1994): بالنسبة للفيلسوف النمساوي الإنجليزي كارل بوبر (بالإنجليزية: Karl Popper) فقد آمن أنّ على العلماء دائمًا التشكيك في نظرياتهم التي يتوصلون إليها، وأن ينتهزوا جميع الفرص المتاحة لدحضها.