تعريف الشجاعة في الفلسفة

تعرف الشجاعة (بالإنجليزية: Courage) في السياق الفلسفي على أنها إحدى الفضائل الأخلاقية، وهي أيضًا، وفق ما يتفق عليه معظم الفلاسفة، الثبات والإصرار في وجه الخطر، والمصاعب، والشدائد، والضوائق، وفي الوقت الذي يعتبر فيه بعض الفلاسفة أنّ الشجاعة مرادفُ للجرأة، والجسارة، واللاخوف، هناك فلاسفة آخرون يرون أنّ الخوف لا علاقة له بالشجاعة؛ بمعنى أنّ وجود الخوف أو غيابه لا شأن له بالشجاعة، وأنها لا تعتمد عليه أبدًا.[١][٢]




الرأي السابق بخصوص الشجاعة، والذي يتفق عليه أغلب الفلاسفة، يتفق عليه معظم علماء النفس أيضًا.




الشجاعة في الفلسفة اليونانية

الشجاعة من المواضيع التي تمّ تناولها في الفلسفة اليونانية، وفيما يلي،[٣] استعراضٌ لآراء بعض الفلاسفة اليونانيين بخصوصها:[٢][٤]

  • الشجاعة عند أفلاطون: في كتابه الذي يحمل عنوان الجمهورية، يتطرق الفيلسوف أفلاطون إلى مسألة الشجاعة في سياق علاقتها بأجزاء الروح التي يحددها، والتي تشمل كلاً من العقل، والنفس، والرغبة؛ حيث يعتبر أنّ الشجاعة فضيلة، سمتها المميزة هي كبح الشهوات والجشع الذي يراود الأفراد، ويضيف أنّ الشجاعة هي التي ترقى بالعقل ليغدو المتحكم الرئيس بالفرد والمجتمع على حد سواء.
  • الشجاعة عند أرسطو: يرى أرسطو أنّ الشجاعة فضيلة وسيطة بطبيعتها؛ أي أنها تكمن بين نقيضين يمثلان اثنين من الرذائل، أو العيوب، وهذان النقيضان هما الجبن والتهور (أو الطيش)، فالشخص الجبان عندما يعترض الخطر طريقه فإنه يهرب، في حين أنّ المتهور يزج بنفسه إلى الأخطار، دون تفكير بخياراتٍ قد تكون أفضل للتعامل مع الموقف؛ أي أنّ الشجاعة من وجهة نظر أرسطو تقع بين الجبن، في أقصى درجاته، التي لا يمتلك فيها الفرد الجرأة للقيام بما يجب عليه القيام به، وبين التهور الذي يقدم فيه الفرد على القيام بما لا يجب عليه القيام به، فضلاً عن ذلك، تساعد الشجاعة، من منظور أرسطو، على التفكير بحكمة عند مواجهة الأخطار.
  • الشجاعة في الفلسفة الرواقية: يعتبر الرواقيون أنّ الشجاعة من الفضائل الأربع الأساسية في مذهبهم الفلسفي، والشجاعة من وجهة نظرهم الفلسفية هي قدرة الفرد على تخليص نفسه من قيود الخوف، وهذا الأمر يمكنه من القيام بالأمور بالشكل الصحيح، وبالشكل الذي يجب أن تتم به.


الشجاعة عند خطيب روما شيشرون

من الفلاسفة القدماء الآخرين الذين تطرقوا إلى موضوع الشجاعة الفيلسوف الروماني شيشرون (Cicero)، وقد اعتبر أنها سبيلٌ (أو وسيلة) يمكن من خلالها مواجهة ومقاومة كل من الرغبات المفرطة، والألم، والحزن، وفرط اللذات، والغضب، كما أن الشخص الذي تكون الشجاعة سمة لروحه العظيمة لا يكترث أو يبالي بالظروف الخارجية التي يتعرض لها، وعدم اكتراثه هذا يعني أنه ما من قوة تستطيع صده عن القيام بما هو صحيحٌ من الأفعال.[٤]


الشجاعة عند الفلاسفة المسلمين والعرب

كان للشجاعة نصيبٌ من آراء عددٍ من الفلاسفة والمفكرين المسلمين والعرب، ومن هؤلاء ابن حزم الأندلسي، الذي اعتبر أنّ الشجاعة هي تضحية (بذل النفس) للدفاع عن الحق، وعمن تعرض للظلم في ماله وعِرضه، وعن المظلوم الذي يستغيث، وعن الجار الذي يتعرض للاضطهاد، وعن كل ما له حرمةٌ يُحرم انتهاكها، وعن الدين، أما الجاحظ فيعتبر أنّ الشجاعة هي الإقدام على ما يبغضه المرء ويشق عليه، وما قد يكون سبيلاً للهلاك، عندما تظهر الحاجة للقيام بذلك، كما يرى أنها إقدامٌ وثبات عند مواجهة المخاوف، ويصاحب هذا استصغارٌ للموت وتهاونٌ به، أما الفيلسوف المصري عبد الغفار مكاوي، فقد اعتبر أنّ الشجاعة تتخذ شكلين؛ أولهما شجاعة سياسية، في حين أنّ الثانية شجاعة صوفية، وبالنسبة للشجاعة السياسية، فهي تتضمن كفاحًا للصعاب من أجل الوصول إلى العدل وتحقيقه، أما الشجاعة الصوفية، فهي ترشد النفس في الظلام الذي يسود المادة والحواس، والشجاعة السياسية والصوفية تشتركان في أنّ مصدرهما واحد، ويتمثل في قابلية الإنسان للتنازل عن ذاته أو العالم، أي تخليه عنهما، واستعداده لبذل نفسه لأجل قيمة أكثر سموًا، كما أنهما تشتركان في أنهما تقاومان الشر، وتتسلحان بالأمل لتحقيق النصر.[٥]


المراجع

  1. "Courage", Authentic Happiness - University of Pennsylvania, Retrieved 7/6/2023. Edited.
  2. ^ أ ب "Courage", newworldencyclopedia, Retrieved 7/6/2023. Edited.
  3. Greek philosopher Aristotle believed,that are worthy of fear. "Courage isn’t about facing our fears, it’s about facing ourselves", ethics.org, Retrieved 7/6/2023. Edited.
  4. ^ أ ب "What Does It Mean to Be Brave? The Stoics’ Answer", shortform, Retrieved 7/6/2023. Edited.
  5. د. عمار على حسن، "الشجاعة الخلاقة"، جريدة الوطن المصرية، اطّلع عليه بتاريخ 7/6/2023. بتصرّف.