تعريف الفلسفة الحديثة

يُشير مصطلح الفلسفة الحديثة (بالإنجليزية: Modern Philosophy) إلى ذلك الفرع من الفلسفة الذي تزامن مع ظهور العلوم والمعارف الجديدة والحديثة في العالم، وتأثر وأثر بها، وقد تميزت الفلسفة الحديثة بارتكازها على العقل، باعتباره المصدر الرئيس للمعرفة، والوسيلة التي يمكن من خلالها فهم الواقع،[١] أما عن الفترة الزمنية للفلسفة الحديثة؛ فقد امتدت على مدى القرنين السابع عشر والثامن عشر، ويرى معظم المؤرخين أنّ بداية هذه الفترة كانت في العام 1641، وتحديدًا في مدينة باريس، عندما نُشر كتاب الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (بالفرنسية: René Descartes) تأملات في الفلسفة الأولى (بالإنجليزية: Meditations on First Philosophy)، بينما كانت نهايتها بكتاب الفيلسوف الألماني إيمانويل كانت (بالإنجليزية: Immanuel Kant) نقد العقل الخالص (بالإنجليزية: Critique of Pure Reason)، الذي نُشر في العام 1781.[٢][٣]


عوامل نشأة الفلسفة الحديثة

ساهمت عدة عوامل في نشأة الفلسفة الحديثة، وتاليًا تلخيصٌ لأبرز تفاصيلها وجوانبها:[٤]

  • العوامل التاريخية: شكلت هذه العوامل عددًا من الأحداث التاريخية التي أعادت تشكيل العالم في تلك الفترة، ومهدت الطريق أمام تطور الإبداع والفكر الإنساني، مثل: سيطرة الإسبان على الأندلس، واكتشاف القارة الأمريكية، واكتشاف رأس الرجاء الصالح.
  • ظهور الاكتشافات والصناعات: من أبرز الاكتشافات التي ساهمت في نشأة الفلسفة الحديثة اكتشاف العالم البولندي نيكولاس كوبرنيكوس (بالإنجليزية: Nicolaus Copernicus) للنظام الشمسي؛ حيث ساهم هذا الاكتشاف في تحرير الفكر الأوروبي من أفكار العصور الوسطى، أما الصناعات؛ فكان من أهمها اختراع يوهان غوتنبرغ (بالإنجليزية: Johannes Gutenberg) للطباعة؛ حيث ساعد اختراعه في إتاحة المؤلفات والأفكار لجمهورٍ أوسع من الناس، مما ساهم في نشر المعرفة.
  • عصر النهضة الأوروبية: أدت النهضة الأوروبية إلى تطور الفكر الأوروبي في جميع مراحلها، ولا سيما المراحل الأولى التي شهدت انتقالاً بالأعمال والأفكار اليونانية والرومانية إلى غرب أوروبا، كما ساعد في ذلك أنّ معظمها كان يتمحور على الإنسانيات، والتي عمل المثقفون والأدباء على بناء أفكارهم وأعمالهم عليها؛ بناءً على الملاحظة، والتجربة، والاستقراء، وغيرها.
  • الإصلاح الديني: قاد هذه الحركة كلٌ من مارتن لوثر (بالإنجليزية: Martin Luther) وجان كالفن (بالإنجليزية: John Calvin)، وقد سعت إلى إنهاء سيطرة الكنيسة الكاثوليكية ورجال الدين؛ مما ساهم في ظهور مذهبا البروتستانتية والبيوريتانية، اللذان يركزان على الأخلاق وما يتعلق بها من جوانب في المسيحية، مثل الزهد، والضمير الحي، واستقلال الإنسان.


سمات الفلسفة الحديثة

تمتاز الفلسفة الحديثة بعدد من الخصائص والسمات، ومن أهمها:[٥][٦]

  • الروح النقدية: كانت بدايات الفلسفة الحديثة على شكل ثورة ضد الفكر الديني في العصور الوسطى، وامتدت هذه الثورة حتى عصر النهضة، وكان النقد من أبرز ملامحها؛ حيث رفض المفكرون قبول التقاليد والنصوص التي تحكم حياتهم آنذاك دون فحصٍ نقدي، وقد أثر الشك الديكارتي في جعل المفكرين يرفضون قبول أي شيء على أنه حقيقي دون أن يشكوا به، وسرعان ما تطورت ميولهم النقدية إلى ثورة ضد السلطة، والتقاليد، والاستبداد، وسيطرة الكنيسة والدولة.
  • الثورة ضد السلطة التقليدية: كانت السمة الأبرز لعقلية القرون الوسطى القبول الأعمى وغير النقدي للسلطة الممنوحة باسم الدين، ولكن ظهور الفكر الحديث أدى لإحلال سلطة العقل مكان سلطة الكنيسة، مما أدى لتحول الاهتمام من الدين إلى السياسة، بالإضافة إلى ظهور مشاكل فلسفية لها علاقة بالسلطة والسياسية، وقد ساهم هذا الانشغال الجديد بمواضيع الوحدة الوطنية، والأمن الداخلي، وسلطة الدولة، والعدالة الدولية، في ظهور الفلسفة السياسية في إيطاليا، وفرنسا، وإنجلترا، وهولندا.
  • هيمنة الروح العلمية: تمتاز الفلسفة الحديثة بأنها علمية في المقام الأول؛ فبعدما كانت العصور الوسطى معتمدة بشكلٍ أساسي على نظريات أرسطو التخمينية وافتراضات الكتاب المقدس، ساهمت الاكتشافات العلمية الجديدة في تغيير النظرة العامة للعالم، بما في ذلك النظرة الفلسفية؛ حيث أصبح بالإمكان تطبيق المنهج العلمي في مجال الفلسفة أيضًا.
  • الإنسانوية: تُعرف الإنسانوية على أنها توجه فلسفي يتمحور حول قيمة وكرامة الإنسان، فردًا كان أم جماعة، ويعتبر تطور الإنسانية سمة أخرى من سمات الفلسفة الحديثة، وقد ساهم في ظهورها التغيرات التي ظهرت على كافة مناحي الحياة، وأعلت من قيمة الإنسان، في كافة الجوانب العلمية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، والدينية، والاجتماعية.[٧]
  • الفردية: أدى التحرر من سلطة الكنيسة إلى ظهور النزعة الفردية، التي أصبحت الدافع الرئيسي لدى المفكرين المعاصرين، على عكس ما كان سائدًا في العصور القديمة عند الفلاسفة اليونانيون وفي العصور الوسطى عند الرهبان؛ حيث كانت كثيرٌ من آرائهم ذات نزعة جماعية، وتتأثر ببعضها الآخر.
  • التفكير الحر: إنّ من أبرز السمات الأخرى للفلسفة الحديثة تحول الاهتمام من مجرد تأمل الأشياء الفائقة للطبيعة إلى تفسيرها، ومن هنا تحرر الفكر من الأفكار التقليدية، وأصبحت الفلسفة أكثر حرية.
  • هيمنة العقل: تتميز الفلسفة الحديثة عن تفكير العصور الوسطى بإيمانها المتزايد بقوة العقل؛ حيث أصبح العقل المصدر الأساس للحقيقة، بدلاً مما تمليه سلطة الكنيسة والسياسة.


المراجع

  1. "Modern Philosophy definition/Schools and Philosophers/Historical context", englopedia, Retrieved 5/7/2022. Edited.
  2. "Modern Philosophy", newworldencyclopedia, Retrieved 3/7/2022. Edited.
  3. appearance of the Critique,nearly all subsequent philosophical discussions. "Kant’s Philosophical Development", plato.stanford, Retrieved 3/7/2022. Edited.
  4. "الفلسفة الحديثة: عوامل نشأتها وخصائصها العامة"، الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2022. بتصرّف.
  5. eGyanKosh, INTRODUCTION TO MODERN PHILOSOPHY, Page 3-7. Edited.
  6. "خصائص الفلسفة الحديثة والمعاصرة"، الجامعة المستنصرية، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2022. بتصرّف.
  7. is a rational philosophy,with social and planetary responsibility. "Definition of Humanism", americanhumanist, Retrieved 3/7/2022. Edited.