فلسفة ديكارت

رينيه ديكارت (1596م-1650م)، فيلسوفٌ فرنسيٌّ اتّخذ منهجَ الشّك بوَّابةً لفلسفتِه، فصاغَ ثنائيّة العقل والجسم، ورفض المعرفة المستمدّة من الحواسّ، وشجَّع استخدام الملاحظة والتّجربة في النّظر إلى العلوم، وعُدَّ مؤسّس الفلسفة الحديثة، ومن أهمّ أفكارِه ما يأتي.[١]


العقلانية

العقلانيّة هي مدرسة فلسفيّة ابتكرها ديكارت كردّ فعل على الشّكوك المعرفيّة التي كثُرت بعدَ التقدّم العلميّ الحاصل في عصرِ التّنوير، تؤمِن هذه المدرسة بأنّ المعرفة يُمكن اكتسابُها واستخلاصُها من العقل والتّفكير المجرّد دونَ الحواسّ، وقد أثبتَ ديكارت ذلك عندَ استخدامِه قواعد الرياضيّات.[٢]


من جانبٍ آخر، اعتقد البعضُ ممَن عاصروا ديكارت أنّه لم يكن مسيحيًّا؛ إذ كان لديه مفهوم مختلف عن "الله" لا يستند إلى الحدس أو التأمل، وكان يؤمن بالرّوح إيمانًا عقليًّا، وهذا فِكرٌ مختلفٌ عمّا كان سائدًا في المُعتقد المسيحيّ في عصره.[٢]


الشك

انتهجَ ديكارت منهجَ الشكّ في كلّ ما يمكن أن يكونَ موضوعًا للشكّ، إلى حدّ أنّه كان يفترض أنّ الواقع مجرّد حلم أيْ أنّ العالَم الماديّ لا وجودَ له، وأنّ حواسه ليست أدواتٍ كافية لإثبات وجود العالم أو حتى وجود جسده؛ إذ إنّها من الممكن أن تخدعه في تصوير المادّة.[٢]


وقد استخدم في تفسير ذلك تجربة فكريّة أسماها "الشّيطان الشرّير" أو "العبقريّة الشرّيرة"، يبدأ هذه التجربة بسؤال نفسه: "كيف يُمكن أن أعرف أنّه لا يتمّ خداعي على الإطلاق؟"، ويخلُص من هذا التّفكير إلى أنّه لا يمكن أن يعرف سوى أمرٍ واحد، وهو: أنّه يشكّ.[٢]


وجود الله

اقترح ديكارت في تأمُّلاتِه ضرورةَ البحث عن حُجّة وجوديّة تُثبتُ وجودَ الله، ومن هذا المنطلق استحدثَ مفهومَ الكمال، ولا يَعني به "غياب العيوب"، إنّما قصدَ بهِ الإشارة إلى سمةٍ إيجابيّة، فالذّكاء مثلًا كمال، أمّا الجهل فهو غيابُ الكمال، ومن هنا افترضَ أنّه لكي يكونَ هناك شيءٌ معقّد فلا بُدّ أنّ مَن أوجدَه أكثر تعقيدًا منه.[٢]


إذًا، إنّ الإنسان المتميّز بكمال الذّكاء قد خُلِق ممّن هو أكثر كمالًا منه، ألا وهو "الله"، واستخلص من ذلك أخيرًا أنّ: "الله كائنٌ كاملُ الكمال، والوجود هو الكمال؛ لأنّ العدم هو مجرّد عدم الوجود، ولذلك لا بُد من وجود الله".[٢]


ثنائية العقل والجسد

يرى ديكارت أنّ العقل شيء منفصلٌ عن الجسد، ويُعرّفه بأنّه مادّة يُمكن فهمُها بوضوح، و "شيء مفكّر غير ممتدّ"، ويفترض أنّه يُمكن أن يكون هناك عقول دون أجساد، بينما يُعرّف الجسد بأنّه "شيء ممتدّ غير مفكّر".[٣]


من هنا افترض أنّ الوعي وفيزيائيّة الدّماغ والجسم متعارضان مع بعضهما البعض ومنفصلان، بغضّ النظر عن اعتبار تفاعلهما معًا، وإنّ موضع هذا التّفاعل هو "الغدّة الصنوبريّة" التي تقع في قاعدة الدّماغ، لكنّ ديكارت لم يكن راضيًا عن هذا التّفسير، لذلك واصل تفكيرَه وبحثَه عن هذه المسألة مدى حياتِه.[٢]

المراجع

  1. "René Descartes", Britannica, Retrieved 12/9/2023. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ "René Descartes: Main Ideas", Owlcation, Retrieved 12/9/2023. Edited.
  3. "René Descartes (1596—1650)", Internet Encyclopidia of philosophy, Retrieved 12/9/2023. Edited.