يُعرف التسامح من منظورٍ فلسفي على أنه تجنب الفرد التدخل في أفعال ومعتقدات الآخرين، أو محاولة تقييدها، أو منعها، وتحديدًا تلك المعتقدات والأفعال التي تعتبر غير صحيحة أو غير مقبولة من وجهة نظره،[١] وقد تناولت الفلسفات، من خلال وجهات نظر فلاسفتها المختلفين، موضوع التسامح ومفهومه، وفي العناوين التالية نستعرض آراء عددٍ من أشهر الفلاسفة حوله:


التسامح في الفلسفة اليونانية

يعتبر التسامح من المواضيع التي تمّ تناولها في الفلسفة اليونانية، ومن أهم الفلاسفة الإغريق الذين استعرضوه في آرائهم الآتي:

  • التسامح عند سقراط: ربط سقراط بين التسامح والسعي وراء الحقيقة؛ فالبشر في نظره مخلوقات غير معصومةٍ عن الخطأ، ومحدودة القدرات، ولكنهم على الرغم من ذلك يحبون الحقيقة، ويسعون دائمًا لاكتشافها، واعتبر أنّ التسامح وسيلةٌ تساعدهم في نيل مرادهم هذا، وتحديدًا من خلال ممارسة التسامح مع الآخرين، من أصحاب الآراء والأفكار المختلفة عن الحياة، والذين يمكن خوض النقاشات والحوار معهم، والاطلاع على وجهات نظرهم المغايرة، والتي توسع آفاق التفكير والسعي للحقيقة، وتجدر الإشارة إلى أنّ رأي الفيلسوف اليوناني سقراط عن التسامح منبثق بشكلٍ أساسي من إيمانه بالعقل وقوته، إلى جانب اعترافهِ شخصيًا بجهله.[٢]
  • التسامح عند أرسطو: اعتبر أرسطو أنّ التسامح يُمثل أحد أشكال الفضائل، والتي تسمح للفرد بالاتفاق أو الاختلاف مع الآخرين على أساسٍ أخلاقي بحت، بالإضافة إلى أنه ما يرشد الإنسان للتعامل مع الآخرين بطريقة صحيحة، تتناسب مع مختلف المواقف، وفي سياقٍ متصل، اعتبر أرسطو كذلك أنّ الفضائل الأخلاقية بجميع أشكالها، والتي من ضمنها التسامح، عبارةٌ عن "توازنٍ بين نقيضين"، وفي حالة التسامح، فإنه يُعتبر توازنًا بين كلٍ من الانصياع المبالغ فيه، وبين العجز عن التعصب بالآراء والمبادئ وغيرها.[٣][٤]


التسامح في الفلسفة الحديثة

وتاليًا استعراضاً لمفهوم التسامح في الفلسفة الحديثة من وجهة نظر اثنين من أهم روادها:

  • التسامح عند لوك: يُعرف التسامح، من وجهة نظر الفيلسوف والمفكر السياسي الإنجليزي جون لوك (بالإنجليزية: John Locke)، على أنه سياسةٌ عامة، تقوم الحكومات بموجبها بالسماح لكل من يخضع لسلطتها، من مجموعاتٍ وأفراد، بممارسة معتقداتهم الدينية، بكل حرية وبشكلٍ علني، ما دامت ممارستهم لا تتضمن اعتداءً وإلحاقًا للأذى بالمجتمع، والسلطة المفروضة، وحريات الآخرين.[٥]
  • التسامح عند كانط: أشار الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط (بالألمانية: Immanuel Kant) في رأيه عن التسامح إلى أنّه عبارةٌ عن فضيلة تتخذ شكلين؛ أولهما اعتبار التسامح فضيلةً شخصية ومدنية، وثانيهما اعتباره فضيلةً سياسية، يختص بها المشرعون المسؤولون عن وضع القوانين الديمقراطية، والذين يتبادلون الاحترام فيما بينهم، بناءً على إيمانهم بتحليهم بالمساواة والحرية.[٦]


التسامح في الفلسفة المعاصرة

من أهم آراء الفلاسفة المعاصرين بخصوص مفهوم التسامح ما يلي:

  • التسامح عند نيتشه: وصف الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه (بالألمانية: Friedrich Nietzsche)‏ التسامح على أنه عبارةٌ عن برهانٍ، يمكن الاستدلال من خلاله على أنّ الفرد يشعر بالارتياب وعدم الثقة تجاه المُثل العليا التي يتبناها.[٧]
  • التسامح عند راسل: اعتبر الفيلسوف البريطاني برتراند راسل (بالإنجليزية: Bertrand Russell) أنّ التسامح ضروري لاستمرار الإنسان في العيش في هذه الحياة؛ فالتسامح من وجهة نظره يعلمنا تقبل الأمور التي لا نتفق معها أو لا تعجبنا، كما اعتبر أنّ هذه الطريقة هي وحدها التي تسمح للبشر بالتعايش مع بعضهم في هذا العالم.[٨]


المراجع

  1. term “toleration”—from,not be prohibited or constrained. "Toleration", plato.stanford, Retrieved 4/10/2022. Edited.
  2. tolerance derives both from,and seek to discover it. "Tolerance and the Ethical Life", ndpr.nd, Retrieved 4/10/2022. Edited.
  3. importantly, Aristotle regards all,take the virtue too far. "When Toleration Becomes a Vice: Naming Aristotle’s Third Unnamed Virtue", ajps, Retrieved 4/10/2022. Edited.
  4. "When Toleration Becomes a Vice: Naming Aristotle's Third Unnamed Virtue", onlinelibrary.wiley, Retrieved 4/10/2022. Edited.
  5. as Locke conceived it,welfare, or presume to exercise "Toleration and Understanding in Locke", ndpr.nd, Retrieved 4/10/2022. Edited.
  6. Andrew Bain, Paul Formosa, Toleration and Some Related Concepts in Kant, Page 328. Edited.
  7. " Friedrich Nietzsche Quotes", quotefancy, Retrieved 4/10/2022. Edited.
  8. can only live together,human life on this planet.” "Bertrand Russell quote about the need for tolerance in an interconnected world", service-science.info, Retrieved 4/10/2022. Edited.