ديكارت أبو الفلسفة الحديثة
كان رينيه ديكارت (بالفرنسية: René Descartes) فيلسوفًا وعالم رياضيات فرنسي، عاش في القرن السابع عشر، وتحديدًا في الفترة بين الأعوام 1596-1650، ويعد ديكارت من أشهر الشخصيات الفلسفية في التاريخ؛ فهو يعتبر مؤسس الفلسفة الحديثة، وأول فلاسفتها، وحظي بلقب "أبو الفلسفة الحديثة"، لعدة أسباب، يشتمل أبرزها على (أولاً) أنه كان من بين أول الشخصيات التي هجرت الارسططاليّة (الأرسطيّة)، والتي تعرف على أنها تقليد أو مدرسة فلسفية مستمدة من أعمال الفيلسوف اليوناني أرسطو،[١] ومن أبرز الأسباب التي دعت ديكارت للانفصال عنها اعتبار هذه المدرسة الفلسفية أنّ الإحساس هو مصدر جميع المعرفة، مما كان يعرضها للشكوك بشكلٍ كبير، بالإضافة إلى ذلك، استحق ديكارت لقلب أبو الفلسفة الحديثة لأنه (ثانيًا) قام بصياغة أول نسخة حديثة من ثنائية العقل والجسد، والتي أشار فيها إلى أنّ العقل والجسد "جوهران" مختلفان عن بعضهما، إلا أنّ هناك علاقة تبادلية بينهما، وكلاهما يؤثر بالآخر،[٢] فضلاً عن ذلك، (ثالثًا) دعا ديكارت إلى تأسيس علمٍ جديد، قوامهُ، والأساس الذي يقوم عليه، التجربة والملاحظة.[٣][٤]
أعمال ديكارت في الفلسفة الحديثة
أثرت أعمال الفيلسوف الفرنسي ديكارت بشكلٍ كبير بالفلسفة الغربية، وساهمت في تشكيلها ورسم ملامحها، وفيما يلي استعراضٌ لعدد من أهم أعمال ديكارت في الفلسفة الحديثة:[٥]
- المقال عن المنهج: الاسم الكامل لهذا العمل هو مقالٌ عن المنهج المتبع لحسن قيادة عقل المرء والبحث عن الحقيقة في العلوم (بالإنجليزية: Discourse on the Method of Rightly Conducting One's Reason and of Seeking Truth in the Sciences)، وقد نُشر هذا المقال في العام 1637، وأكثر ما يُميزه أنّ عبارة ديكارت المشهورة "أنا أفكر إذًا أنا موجود" ترد فيه، وترد فيه كذلك المبادئ الأساسية للشك المنهجي، ويستهل ديكارت مقالته بعبارات، وتصريحات، شكّية (شكوكية)، بخصوص المفاهيم، أو الأفكار، المتعددة والمختلفة، والتي يتم اعتبار معظمها، والنظر إليها، على أنها حقائق بديهية "جازمة"، وبعد ذلك، نرى ديكارت يوظف الحجج التي تتسم بمنطقيتها وعقلانيتها من أجل إثبات أنّ مثل هذه المفاهيم والمبادئ حقيقية وصحيحة.
- تأملات في الفلسفة الأولى: نشر ديكارت هذه الأطروحة الفلسفية التي بعنوان تأملات في الفلسفة الأولى (بالإنجليزية: Meditations on First Philosophy) في العام 1641، ويُقدم هذا العمل شرحًا للأفكار الرئيسية لفلسفة ديكارت، ويستخدم فيه ديكارت الشك المنهجي كطريقة لفرض الشكوك على كل شيء وللوصول إلى الحقيقة، ونراه أيضًا يستخدم حججًا لإثبات وتأكيد وجود الله، والإنسانية، والذات البشرية، بالإضافة إلى أنه يتطرق في هذه الأطروحة الفلسفية إلى فكرة ثنائية العقل والجسد، المسمية أيضًا بالثنائية الديكارتية، والتي تتمحور حول اعتبار أنّ الجسد والعقل منفصلان عن بعضهما، والتي أصبحت تعرف لاحقًا بـِ "معضلة العقل والجسد"، وناقشها العديد من الفلاسفة بعد ديكارت، أمثال ديفيد هيوم، وتوماس هوبز، وجون لوك.
- مبادئ الفلسفة: نُشر هذا الكتاب في العام 1644، وكتاب مبادئ الفلسفة (بالإنجليزية: Principles of Philosophy) هو عمل يجمع بين اثنين من الأعمال السابقة لديكارت (مقال عن المنهج وتأملات في الفلسفة الأولى)، والقصد الأساسي من تأليف هذا العمل هو أن يحل مكان طريقة التفكير القديمة (النموذج الأرسطي للتفكير) التي كانت مستخدمة في الجامعات الفرنسية والبريطانية، ويلاحظ في هذا الكتاب أنّ ديكارت يشرح، بطريقة منظمة وواضحة، أفكاره بخصوص طبيعة المادة والعقل، بالإضافة إلى أنه يعرض أفكاره حول خلق الله للكون، وبمعنى آخر، يمكن القول إن ديكارت سعى من كتابه، مبادئ الفلسفة، تقديم طريقة جديدة للتفكير في مختلف الموضوعات التي قام بطرحها في طياته.[٦]
- انفعالات النفس: يُعرف هذا الكتاب أيضًا باسم عواطف الروح (بالإنجليزية: The Passions of the Soul)، ويعود تاريخ نشره إلى العام 1649، وهو آخر أطروحة فلسفية لديكارت، والذي يتطرق فيه إلى العلاقة بين كلٍ من العلم والفلسفة الأخلاقية، ونرى في هذا الكتاب أنّ ديكارت يعيد التطرق إلى مسألة ثنائية العقل والجسد (الثنائية الديكارتية)، ويذكر أنّ ما يُسمى بـِ "الأرواح الحيوانية" هي التي تتحكم بالسلوك الفيزيولوجي للبشر؛ أي أنّ الأرواح الحيوانية هي ما يتحكم في الكيفية التي يعمل الجسد على أساسها، ومن أبرز ما جاء في كتاب انفعالات النفس اعتبار ديكارت أنّ المشاعر القوية (العواطف القوية) تهاجم روح الإنسان، وبالتالي تجبر الجسد على القيام بأشياء غير لائقة، ولهذا، فإن ديكارت يُشدد على أهمية فهم المشاعر والسيطرة عليها، من أجل عيش حياة تكون لائقة.
مساهمات ديكارت في الفلسفة الحديثة
قدم ديكارت العديد من المساهمات المتعلقة بالفلسفة الحديثة، وفيما يلي استعراض لعددٍ منها:[٧][٨]
- انبثق من عبارة ديكارت الشهيرة "أنا أفكر إذًا أنا موجود" فكرة أنّ الشك دليل على الوجود؛ فالشك فعل يدل على وجود صاحبه الذي يقوم به، وغدت هذه الفكرة من أهم الأفكار التي تبنتها الفلسفة الغربية، بسبب صلتها بالمعرفة.
- أثرت فكرة ديكارت التي تتمحور حول التشكيك في كل شيء في الفلسفة الحديثة إلى حدٍ كبير، لأنها دفعت الناس إلى التفكير في الأمور التي يمكن أن يكتسبوا المعرفة بشأنها على وجه اليقين، بالإضافة إلى أنها دفعتهم إلى تحويل تركيزهم من البحث عن الأمور التي تعتبر صحيحة، إلى الأمور التي باستطاعتهم التأكد من أنها صحيحة.
- كان ديكارت أول فيلسوف غربي من فلاسفة الفلسفة الحديثة يتطرق إلى مسألة العلاقة الجدلية بين العقل والجسد، ومن الأفكار الأخرى ذات الصلة بفكرته حول ثنائية العقل والجسد اعتباره أنّ الجسد شيءٌ مادي يتحرك، ولا يفكر، ويشغل مساحة، في حين أنّ العقل يفكر ويعتبر قادرًا على إدراك ذاته.
المراجع
- ↑ "What is Aristotelianism?", gotquestions, Retrieved 18/4/2023. Edited.
- ↑ "Mind-Body Dualism", unacademy, Retrieved 18/4/2023. Edited.
- ↑ Descartes is often credited,of the new, mechanistic sciences. "René Descartes (1596—1650)", Internet Encyclopedia of Philosophy, Retrieved 18/4/2023. Edited.
- ↑ "René Descartes", britannica, Retrieved 18/4/2023. Edited.
- ↑ "A Guide to René Descartes’ Life and Philosophy", masterclass, Retrieved 18/4/2023. Edited.
- ↑ "Descartes / Principles of Philosophy - good summary", culturalstudiesnow.blogspot, Retrieved 18/4/2023. Edited.
- ↑ "RENE DESCARTES | 10 MAJOR CONTRIBUTIONS AND ACCOMPLISHMENTS", learnodo-newtonic, Retrieved 18/4/2023. Edited.
- ↑ "6 Major Accomplishments of Rene Descartes", healthresearchfunding, Retrieved 18/4/2023. Edited.