الفيلسوف فريدريك نيتشه
كان فريدريك نيتشه (بالألمانية: Friedrich Nietzsche) فيلسوفًا ألمانيًا، وواحدًا من أكثر المفكرين المعاصرين تأثيرًا في الفكر، وقد عُرف بأعماله التي تعمقت في مواضيع الدين، والأخلاق، والفلسفة الغربية التقليدية، وسعى من خلالها للكشف عمّا وراء هذه المسائل، كما أثرت أفكاره في عدة أجيال من علماء اللاهوت، والفلاسفة، وعلماء النفس، والشعراء، والروائيين، والكتاب المسرحيين،[١] وتاليًا استعراضٌ لأهم محطات حياة فريدريك نيتشه وإنجازاتهِ، والتي ارتبطت بشكلٍ خاصٍ بفلسفتهِ وتشكيل هويته التي أثارت الجدل:[٢][٣]
حياته المبكرة
وعن تفاصيل حياة فريدريك نيتشه:[٤]
- وُلد فريدريك نيتشه في قرية ألمانية صغيرة تُدعى غاكن باي لوتسن (بالألمانية Röcken bei Lützen) في تاريخ 15 أكتوبر عام 1844، وقد تزامن مولدهُ مع الذكرى الـ49 لولادة ملك بروسيا فريدرش فيلهلم الرابع (بالألمانية: Friedrich Wilhelm IV)، لهذا تمت تسمية نيتشه على اسم الملك، الذي كان مسؤولاً عن تعيين والدهِ كقسيس للبلدة التي كانوا يقطنون فيها عند ولادته.
- انتمى فريدريك نيتشه إلى عائلة من القساوسة اللوثريين، وكان جده من جهة والده، فريدريك أوجست لودفيج نيتشه (بالألمانية Friedrich August Ludwig Nietzsche)، من علماء البروتستانتية المعروفين.
- وعندما بلغ نيتشه الخامسة من عمره، توفي والده، وتوفي أخوه البالغ من العمر عامين بعده بستة أشهر، لتقرر العائلة وقتها الانتقال إلى بلدة ناومبورغ (بالألمانية: Naumburg)، حيث عاش نيتشه فيها مع والدته، وجدته، وعمتيه، وشقيقتهِ الصغرى.
تعليمه
من أهم ما يذكر عن تعليم فريدريك نيتشه:[٤]
- في الفترة بين الأعوام 1858-1864، درس نيتشه من سن 14 إلى سن 19 في مدرسة داخلية عريقة بالقرب من ناومبورغ، وخلال سنوات دراسته ركز على موضوعي الأدب والموسيقى.
- وبعد تخرجه من المدرسة، التحق نيتشه بجامعة بون (بالإنجليزية: University of Bonn) في العام 1864، لدراسة علم اللاهوت وفقه اللغة، وازداد اهتمامه خلال دراسته الجامعية بموضوع فقه اللغة، والذي كان يتناول تفسير النصوص الكلاسيكية ونصوص الكتاب المقدس.
- لم يستكمل نيتشه دراسته في بون، وقرر في عام 1865 الانتقال إلى جامعة لايبتزغ (بالإنجليزية: Leipzig University)، وهناك بدأ في ترسيخ سمعتهِ الأكاديمية من خلال المقالات التي نشرها عن شاعري القرن السادس الإغريق ثيوجنيس (بالإنجليزية: Theognis) وسيمونيدس (بالإنجليزية: Simonides)، بالإضافة إلى أرسطو.
تأثره بالحرب
أثرت الحرب بشكلٍ كبير على حياة نيتشه من عدة جوانب، ومن أهم تفاصيل ذلك:[٤]
- في العام 1867، وعندما كان نيتشه في سن 23 تقريبًا، بدأ خدمته العسكرية الإلزامية، التي تمّ بموجبها تعيينه في فوج مدفعية في بلدة ناومبورغ، وقد تعرض خلالها لإصابة خطيرة في الصدر بسبب سقوطه من على خيله، وبسبب تفاقم جرحه وعدم شفائه، تمّ إعفاؤه من الخدمة، ليعود بعدها إلى جامعته لاستكمال دراسته.
- تأثر نيتشه بما شهده من الحرب النمساوية البروسية، ولا سيما مشاهد وفضائع الحرب الصادمة، كما أصيب بمرض الخناق (الدفتيريا) والزحار (الدوسنتاريا)، وخلال الفترة التي كان فيها نيتشه في سن 24، عرضت الجامعة السويسرية على نيتشه منصب أستاذ، ليبدأ التدريس هناك في شهر مايو من العام 1869.
تدهور حالته الصحية ووفاته
وعن وفاة فريدريك نيتشه:[٥]
- عانى نيتشه في طفولته من إحدى نوبات الصداع النصفي، والتي تُسمى الصداع النصفي من دون هالة.
- وفي النصف الثاني من حياته، عانى نيتشه من مرض نفسي يصاحبهُ الاكتئاب.
- أما في سنوات حياته الأخيرة، فقد تدهورت حالته الصحية، وأصيب الخرف الشللي، وتوفي في تاريخ 25 من شهر أغسطس من العام 1900 على إثر إصابته بالتهاب رئوي.
أفكار فريدريك نيتشه
عُرف فريدريك نيتشه بأفكاره الجدلية، والتي من الأمثلة على أهمها ما يلي:[٦]
العدمية في أوروبا المعاصرة
اتسم معظم المفكرين الذين عاصروا نيتشه في أواخر القرن التاسع عشر بتفاؤلهم الجامح، وثقتهم في تقدم العلم، في حين رأى نيتشه أنّ عصره يواجه أزمة في القيم، من أهم أوجهها تراجع دور الدين في حياة الناس مع تقدم العلم، بالإضافة إلى عدم إمكانية العلم من تقديم قيم جديدة لتحل مكان القيم المسيحية، وقد أشار نيتشه في أفكاره إلى أنّ الناس بحاجة إلى تحديد مصدرٍ لمعاني وقيم حياتهم، وإذا لم يستطيعوا العثور على هذا المصدر في العلم؛ فإنهم سيلجأون إلى القومية العدوانية وغيرها، ولم يُشجع نيتشه العودة إلى النُهج التقليدية من الدين، وقد سعى بدلاً منها إلى إيجاد طريقة للخروج من العدمية عبر ما تحمله الحياة من معانٍ تتسم بإبداعها ورسوخها.
إرادة القوة
يسعى للقوة أكثر من سعيهِ للبقاء؛ فهو من خلالها يحقق الاستقلال والهيمنة، وقد تتضمن استخدامًا للعنف وللقوة البدنية، وعلى عكس هذا المعنى السائد لاكتساب القوة؛ فإن نيتشه يهتم بنوعٍ أكثر سموًا من إرادة القوة، ويمتاز بأنه موجهٌ لذات الإنسان ونفسه من الداخل؛ إذ يقوم الفرد من خلال هذا النوع من إرادة القوة بفرض سيادته وسلطته على نفسه، وليس على الآخرين.
الحقيقة
قام نيتشه بنقد فكرة الحقيقة الموضوعية؛ أي فصل الحقيقة عن الوعي والاعتقاد بأن هناك طريقة واحدة صحيحة للنظر إلى الأمور، حيث يدل هذا على عدم المرونة في التفكير، والذي يُعتبر أحد أعراض رفض الحياة وفرصها، فالعقل السليم بطبيعتهِ مرن، ويعي أنّ هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها النظر إلى الأمور، كما أنّ الحقيقة لا تتخذ شكلاً واحدًا؛ بل أشكالاً عديدة.
إعادة تقييم القيم
إنّ واحدة من أهم إنجازات نيتشه هي الكشف عن الأسس النفسية للأخلاق، بالإضافة إلى أنّ قيم البشر ليست ثابتة وموضوعية في حد ذاتها، بل تعبر عن توجهٍ معين نحو الحياة، وقد سعى نيتشه من خلال توضيحه ذلك إلى تشجيع الأفراد على أن يكونوا أكثر صدقًا بخصوص دوافعهم، وأكثر واقعية في مواقفهم تجاه الحياة.
مفهوم الإنسان
يعتبر نيتشه أنّ الإنسانية عبارة عن مرحلة انتقالية، وليست وجهة نهائية، وأنّ البشر لم يعودوا يصنفوا كحيوانات عندما تعلموا التحكم في غرائزهم لتحقيق مكاسب أكبر في الحياة، وأنهم استطاعوا من خلال ذلك أيضًا بناء الحضارات، وتطوير المعرفة، والتعمق روحيًا في النفس، كما أشار نيتشه في أفكاره إلى أنّ النفس البشرية بطبيعتها تميل للاستسلام، وأنّ من أشكال هذا الاستسلام والتخلي عن الحياة اتباع الأفكار التقليدية.
أهم أعمال فريدريك نيتشه
من أهم الأعمال التي صاغ من خلالها نيتشه أفكاره وفلسفته:[٧]
- هكذا تكلم زرادشت (بالإنجليزية: Thus Spoke Zarathustra): نُشر هذا الكتاب عام 1892، وهو من أشهر الكتب الفلسفية لنيتشه وواحدٌ من أعمق أعماله أفكارًا، ويتحدث فيه عن فكرة ظهور الإنسان الأعلى (بالألمانية:Übermensch).
- في جنيالوجيا الأخلاق: كتاب سجاليّ (بالإنجليزية: On the Genealogy of Morality): يعود تاريخ نشر هذا الكتاب إلى العام 1887، ويواجه فيه نيتشه نظام القيم في الغرب، باعتباره نظامًا يُقيد حرية الإنسان ويضعف وجوده ويضعف المعرفة كذلك، من خلال ما يعتبره نيتشه أفكارًا تقليدية، ومن خلال الأخلاق والفلسفة.
- مولد التراجيديا (بالإنجليزية: The Birth of Tragedy): يُعتبر هذا الكتاب المنشور عام 1872 أول عملٍ ينشره نيتشه، ويتناول فيه المواضيع المتعلقة بمآسي الحياة، وكيف أنّ المأساة قد لعبت دورًا مهمًا في تشكيل المفاهيم الجمالية عبر العصور المتعاقبة.
- هو ذا الإنسان (بالإنجليزية: Ecce Homo: How One Becomes What One Is): قام نيتشه بالانتهاء من تأليف هذا الكتاب الذي يمثل سيرته الذاتية في العام 1883، قبل أسابيع قليلة من تدهور حالته الصحية، ويتتبع نيتشه في هذا العمل حياته، والتأثيرات التي قام بها بأفكاره وفلسفته.
المراجع
- ↑ "Friedrich Nietzsche", britannica, Retrieved 27/7/2022. Edited.
- ↑ "Friedrich Nietzsche", thegreatthinkers, Retrieved 27/7/2022. Edited.
- ↑ "Friedrich Nietzsche", plato.stanford, Retrieved 27/7/2022. Edited.
- ^ أ ب ت "Nietzsche’s Life and Works", plato.stanford, Retrieved 27/7/2022. Edited.
- ↑ "The neurological illness of Friedrich Nietzsche", National Library of Medicine, Retrieved 27/7/2022. Edited.
- ↑ "Friedrich Nietzsche (1844–1900)", sparknotes, Retrieved 27/7/2022. Edited.
- ↑ "5 Essential Texts By Friedrich Nietzsche You Should Read", theculturetrip, Retrieved 27/7/2022. Edited.