كان لعدد من الفلاسفة العرب والمسلمين أثر بارز في إثراء وتطوير علم الفلسفة، بل أن بعضهم نال شهرة كبيرة بفضل أبحاثه ونظرياته التي تم اقتباسها بشكل واسع، وفتحت آفاقًا جديدة في هذا العلم. نذكر في ما يأتي عددا من أهم هؤلاء الفلاسفة، ممن ذاع صيتهم في أرجاء العالم، بعد ما قدموه لتطوير الفلسفة وتحليل وترجمة نصوصها إلى العربية.
فلاسفة عرب
فيما يلي ملخص للتعريف بعدد من أشهر الفلاسفة العرب:
الكندي (801 – 873 م)
هو يعقوب بن إسحاق بن الصبَّاح، كنيته أبو يوسف، ولقبه فيلسوف العرب، ولد في مدينة الكوفة بالعراق، وكان والده واليًا عليها. تلقى علومه الأولى في مدينته، ثم انتقل إلى بغداد، عاصمة الخلافة العباسية، وحظي برعاية الخليفتين العباسيين المأمون والمعتصم. برع الكندي بعدد من المجالات العلمية كالرياضيات والفلك والطب والشعر، إلى جانب المنطق والفلسفة. يقال أن الكندي كتب قرابة مئتين وثمانين كتابًا، ولكن لم يصلنا منها إلا القليل.
كتب الكندي أبحاثًا أصلية خاصة به حول عدد من المواضيع الفلسفية مثل الأخلاق والمنطق والميتافيزيقيا، وأسهمت فلسفته أيضا في علم اللاهوت إذ بحث في مواضيع كطبيعة الله والمعرفة النبوية والروح.[١][٢]
ابن النفيس (1213– 1288 م)
هو أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم المعروف بابن النفيس، ويعرف أحيانًا باسم القرْشي نسبة إلى قَرْش. ولد في دمشق عام 607 للهجرة، وتوفي في مصر عام 687 هـ. وهو طبيبٌ وفيلسوفٌ، بل كان يعد من كبار علماء اللغة والفلسفة والفقه والحديث في عصره، إضافة إلى كونه أحد أهم الأطباء في وقته وحتى الآن لما أضافه لعلم الطب من اكتشافات وشروحات، أهمها اكتشاف الدورة الدموية الصغرى.[١][٣]
ابن فاتك (القرن الحادي عشر)
هو الأمير محمود الدولة أبو المبشر بن فاتك الآمري، من أعيان أمراء مصر، وهو واحد من علماء العصر الفاطميّ، وكان طبيبًا مطلعًا على العلوم الرياضية. اشتهر بكتاب "مختار الحكم ومحاسن الكلم" وهو مجموعة من الحكم والأمثال المنسوبة إلى قدماء الحكماء، قام ابن فاتك بجمعها وترجمتها إلى العربية والتعليق عليها.[٤][٥]
المعرّي (973 – 1057 م)
وهو أحمد بن عبدالله بن سليمان، كنيته وشهرته أبو العلاء المعرّي. كان شاعرًا وفيلسوفًا وأديبًا بارزًا، ولد في معرة النعمان في شمال بلاد الشام وعاش طيلة عمره فيها. لقب برهين المحبسين فقد كان ضريرًا وحبيسًا في بيته طوعًا.[٦] كان المعرّي من المتأثرين بشعر المتنبي ورواته، وكتب عددًا من الدواوين الشعرية التي وصلنا منها قرابة خمسة عشر ديوانًا ورسالة.[١]
ابن الهيثم (965 – 1040 م)
وهو الحسن بن الحسن بن الهيثم، كنيته أبو عليّ، ويعرف باسم ابن الهيثم. وهو فيلسوف وطبيب، له إسهامات كبيرة في عدة مجالات كالرياضيات والفلسفة العلمية وعلم الفلك والهندسة والفيزياء والبصريات وطب العيون والإدراك البصري، يطلق عليه عدة ألقاب منها "البصري" نسبة لمسقط رأسه في مدينة البصرة بالعراق، و "الِمصري" لأنه عاش بمصر، كما يُعرف بالحسن البَصري. وكانت له شروحات كثيرة في الفلسفة والمنطق حول الأصول التي صاغها أرسطو، وقد بلغت مصنفاته حوالي مئتي كتاب، لم يصلنا منها إلا خمسين كتابًا.[٧]
فلاسفة مسلمون
وفيما يلي ذكر لعدد من الفلاسفة المسلمين، ممن ولدوا في بلدان مسلمة غير عربية، بعضهم بقي طيلة حياته ببلده وبعضهم انتقل للعيش في دول عربية، ولكنهم جميعهم ساهموا بتطوير الفلسفة العربية من خلال أبحاثهم وترجماتهم:
الفارابيّ (872 – 950 م)
هو محمد بن محمد بن طرخان، كنيته أبو نصر، وكان يلقب بالمعلم الثاني، حيث أن المعلم الأول في عالم الفلسفة هو الفيلسوف أرسطو. سمي بالفارابيّ نسبة إلى مسقط رأسه بمدينة فاراب في إقليم تركستان، ويعد الفارابيّ شبه معاصر للفيلسوف الكِندي، واستفاد الكثير من كتاباته. انشغل الفارابيّ بدراسة مجالات عدة كالرياضيات والفلسفة والآداب واللغات والطب والمنطق والموسيقى، وكان يخصص وقته للتعليم والتأليف. توفي الفارابيّ بدمشق ولم يصلنا من مؤلفاته إلا القليل بالرغم من كثرتها.[١]
ابن سينا (980 – 1037 م)
أبو عليّ الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا. وهو فيلسوف من العصر الإسلامي وطبيب وعالم في مجالات الرياضيات والعلوم الطبيعية، ولد في قرية أفشنة الفارسيّة، وتوفي في همدان. عرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء. وتلقى ابن سينا تعليمه المبكر من والده، وقد كان أبوه أحد مشايخ الطائفة الإسماعيلية، وهي طائفة مسلمة ترتكز أفكارها على نمط من الأفلاطونية الجديدة، إلا أن ابن سينا لم يتبنَّ معتقدات والده.
ولقب ابن سينا أيضا بالمعلم الثالث بعد أرسطو والفارابيّ، كما عرف بألقاب أخرى كأمير الأطباء وأرسطو الإسلام. وخلال مسيرته العلمية كتب ابن سينا حوالي أربعمئة وخمسين مؤلفًا، لم يصلنا منها سوى مئتان وأربعون تقريبًا، منها مئة وخمسون كتابًا في علم الفلسفة.[٨]
ابن رشد (1126 – 1198 م)
هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد، ولد في مدينة قرطبة الأندلسيّة، أساس فلسفته هو عدم وجود تعارض بين الدين والفلسفة، وكان يؤمن بسرمدية الكون، وأن الروح تنقسم إلى قسمين: الأول شخصي والثاني إلهي. تأثر ابن رشد بنظرية الأخلاق لأفلاطون، والتي تقول بأن الفضائل الأساسية هي الحكمة والشجاعة والعدالة والعفة.[٩][١٠]
أبو حامد الغزالي (1058 - 1111م)
وهو أبو حامد محمد الغزاليّ الطوسيّ النيسابوريّ الصوفيّ الشافعيّ الأشعريّ، درس علوم الفلسفة وعلوم الكلام، وأصبح من أهم أعلام عصره في الفلسفة. له الكثير من المؤلفات في العلوم الشرعية والفقه وأصوله، والتصوف، والفلسفة، والعقيدة الإسلامية، ألف الغزالي كتاب "تهافت الفلاسفة" وبين فيه بعض أوجه التناقض لدى الفلاسفة خصوصًا فيما يتعلق بالعلوم الإلهية، وقد حدد الغزالي عشرين مسألة تتمحور جميعها حول ثلاثة مواضيع رئيسية هي: الله، العالم، والنفس وتناولها في كتابه هذا.[١١][١٢][١٣]
المراجع
- ^ أ ب ت ث "10 من أهم فلاسفة المسلمين في التاريخ"، البوابة، 08/11/2017، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
- ↑ "من هم أبرز الفلاسفة العرب؟"، إي عربي، 03/10/2020، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
- ↑ "من هو ابن النفيس"، ابن النفيس، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
- ↑ جورج طرابيشي، معجم الفلاسفة الفلاسفة المناطقة المتكلمون اللاهوتيون المتصوفون، صفحة 32. بتصرّف.
- ↑ الأنباء في طبقات الأطباء (نسخة منقحة)/المبشر بن فاتك:/i821&d1115418&c&p1 "المبشر بن فاتك"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
- ↑ آمنة الشريف (30/01/2019)، "أبو العلاء المعري.. الشاعر الذي حبس نفسه في سجون القلق والعزلة"، الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
- ↑ "من هو ابن الهيثم"، أراجيك بايو، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
- ↑ "ابن سينا"، المعرفة، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
- ↑ نادية راضي (16/07/2014)، "افضل الفلاسفة المسلمين على مر التاريخ"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
- ↑ محمد يوسف موسى، ابن رشد الفيلسوف، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ "تهافت الفلاسفة"، جود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
- ↑ "قائمة الفلاسفة المسلمين"، سترينغ فيكسر، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
- ↑ ريتا سلمان (29/06/2020)، "من هم أبرز الفلاسفة العرب والمسلمين؟"، فنجان، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.