تعريف الهوية الشخصية في الفلسفة

تُعرف الهوية الشخصية (بالإنجليزية: Personal identity) على أنها تلك الفكرة، أو المفهوم، والتي يُكونها الفرد، طوال سنوات حياته، عن نفسه، وتشتمل الهوية الشخصية على مجموعة من الجوانب، لا يملك الإنسان القدرة على التحكم بها، بما في ذلك البيئة، أو المكان، الذي يُولد وينشأ فيه، أو العرق الذي ينتمي إليه، ومن الجوانب الأخرى التي تشتمل عليها الهوية الشخصية الخيارات التي يختار الفرد اتخاذها في حياته، والتي تتمثل في عدة أمور، مثل معتقداته، بالإضافة إلى الأنشطة التي يقوم بها، وبالنسبة للتعبير عن الهوية الشخصية، فهذا التعبير يتخذ شكلان، يتمثل الأول في التعبير الظاهري عن الهوية الشخصية، والمتمثل في طريقة تفاعل الفرد مع الآخرين، وطريقة ارتدائه للملابس التي تُعبر عن هويته، أما الشكل الثاني فهو قيام الفرد بإخفاء بعض عناصر هويته الشخصية عن الآخرين، والاحتفاظ بها لنفسه، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الهوية الشخصية تتضمن عددًا من الجوانب، والتي منها على سبيل الذكر لا الحصر: المعتقدات السياسية، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، وتجارب الماضي، والاهتمامات، وجنسية البلد الأم، والمظهر الشخصي، والمعتقدات الدينية.[١][٢]


الهوية الشخصية في الفلسفة اليونانية

عند تتبع بدايات تركيز الاهتمام على مسألة لهوية الشخصية، نجد أنّ هذا الاهتمام يرجع تاريخيًا إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وتحديدًا عندما تناول فلاسفةٌ يونانيون، أمثال سقراط، وأفلاطون، وأرسطو، موضوع وجود الهوية الشخصية، وحاولوا الإجابة عن عددٍ من الأسئلة ذات العلاقة، التي سُعيّ من خلالها إلى فهم أصل وجود الإنسان، والتي منها: "من أنا؟"، "ماذا أريد أن أكون؟"، "ما هي الأمور التي يتمثل من خلالها وجودي؟"، "ما هي الأمور التي تجعلني شبيهًا بالآخرين أو مختلفًا عنهم؟"، وبمعنى آخر، يمكن القول أنّ مسألة الهوية الشخصية في بدايتها ارتبطت بمسألة وجود الإنسان، وسعى الفلاسفة الإغريق لفهم هذا الوجود، أي فهم هوية الإنسان، من خلال الأسئلة المطروحة المذكورة آنفًا، وعند النظر إلى رأي الفيلسوف سقراط بخصوص هذه المسألة، نجد أنه تشبث برأيه القائل بأن وجود روح الإنسان، هو وجودٌ خالد، وأنه يظل حتى بعد فناء الجسد وموته، أما أفلاطون، فقد اعتبر أنّ الهوية شيءٌ يتسم بأنه ميتافيزيقي؛ أي شيءٌ خارق للعادة وللطبيعة، وأنّ كل شخص لديه هوية مختلفة، لأنّ الهوية في حد ذاتها متعددة الأشكال، وهذا التعدد هو سبب اختلافها بين كل فردٍ وآخر، في حين أنّ الفيلسوف أرسطو اعتبر أنّ ذات الإنسان هي عبارةٌ عن مجموعة من الهويات المتعددة (أكثر من هوية) والتي يكمن وجودها في فردٍ واحد؛ بمعنى أنّ الفرد لا يملك هوية واحدة، بل أكثر من هوية تُمثل شخصه.[٣]


الهوية الشخصية في الفلسفة الحديثة

تناول العديد من فلاسفة الفلسفة الحديثة موضوع الهوية الشخصية، وفيما يلي استعراضٌ لعددٍ من آرائهم بخصوصها:

  • الهوية الشخصية عند ديكارت: من وجهة نظر الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (بالفرنسية: René Descartes)‏، فإن الإنسان يتكون من جوهران، يتسمان بأنهما مميزان ومستقلان عن بعضهما الآخر، وبالنسبة للجوهر الأول، فهو العقل، وهو المسؤول عن التفكير، أما الجوهر الثاني، فهو الجسد، وهو الذي يشغل حيزًا، أما بالنسبة لعلاقة هذان الجوهران بالهوية الشخصية من وجهة نظر ديكارت، فهو يرى أنّ هذه الهوية مرتبطةٌ بشكلٍ أساسي بالعقل، في حين أنه يصف ارتباط الهوية الشخصية بالجسد على أنه مجرد صدفة.[٤][٥]
  • الهوية الشخصية عند لايبنتز: في حديثه عن الهوية الشخصية، ربط الفيلسوف الألماني غوتفريد فيلهيلم لايبنتز (بالألمانية: Gottfried Wilhelm Leibniz) بين الهوية الشخصية عند الفرد وروحه، واعتبر أنّ الهوية الشخصية ترتكز وتستند على ما يُميز الروح من طبيعة بسيطة وغير مادية، والتي بدورها تعمل على الحفاظ على وحدتها، وتماسكها، وهويتها.[٦]
  • الهوية الشخصية عند لوك: يعتبر الفيلسوف الإنجليزي جون لوك (بالإنجليزية: John Locke) أنّ الهوية الشخصية لا ترتكز أو تقوم على جوهري الجسد أو الروح؛ بل يعتبر أنها قائمة على الوعي، والذي قصد به هنا الذاكرة، وفي سياقٍ متصل، أشار لوك في أحد آرائه إلى أنّ روح الإنسان تتغير، ولكن وعيه يبقى على حاله، وبالنسبة له، هذا ما يحفظ الهوية الشخصية من التغير، ويضمن لها البقاء على حالها.[٧][٨]


الهوية الشخصية في الفلسفة المعاصرة

من الأمثلة على الفلاسفة المعاصرين، الذين كان لهم آراءٌ بخصوص الهوية الشخصية، التالي ذكرهم:

  • الهوية الشخصية عند نيتشه: في معرض حديثه عن الهوية الشخصية، اعتبر الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه (بالألمانية: Friedrich Nietzsche) أنه من الواجب على الإنسان المثالي أن يقوم بتشكيل هويته الشخصية بنفسه، من خلال تحقيق الذات، ودون الاعتماد على الأمور والأشياء التي تعتبر ساميةً، وفائقة، ومتعالية، عند مقارنتها بالحياة، مثل الروح مثلاً.[٩]
  • الهوية الشخصية عن سارتر: في رأية عن الهوية الشخصية، أشار الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر (بالفرنسية: Jean-Paul Sartre)‏ أنّ البشر يمتلكون هوية، ولكنهم يتجاوزون هذه الهوية، وأضاف أنّ الإنسان تتشكل هويته من خلال ما يملكهُ من قيمٍ، ومشاعر، وأفكار، بالإضافة إلى أنّ خلاصة تجارب الفرد تُساهم أيضًا في تكوين هويته.[١٠]
  • الهوية الشخصية عند ماركس: اعتبر الفيلسوف الألماني كارل ماركس (بالألمانية: Karl Marx)‏ أنّ الهوية التي تُمثل ذات الفرد تتأثر بالظروف المحلية التي تُحيط به، وأضاف أنّ هناك إمكانية أن تُؤثر الهوية التي تُمثل ذات الإنسان هي الأخرى بالظروف المحلية أيضًا.[١١]


المراجع

  1. aspects of our personal,live in the same community. "Personal Identity: Philosophy, Theory & Examples", study, Retrieved 1/3/2023. Edited.
  2. "Personal and Cultural Identity", Cowichan Valley School District - Moodle, Retrieved 1/3/2023. Edited.
  3. the same line of,different way in each person. "Socrates, Plato And René Descartes: The Origin Of Personal Identity", ipl, Retrieved 1/3/2023. Edited.
  4. the Meditations and related,considered as a human being. "What Am I? Descartes’s Various Ways of Considering the Self", jmphil, Retrieved 1/3/2023. Edited.
  5. account of persons-in,accidentally related to the body. "Descartes on Persons", jstor, Retrieved 1/3/2023. Edited.
  6. according to Leibniz, personal,10). "LOCKE AND LEIBNIZ ON PERSONAL IDENTITY", onlinelibrary.wiley, Retrieved 1/3/2023. Edited.
  7. Locke holds that personal,the soul or the body. "John Locke on Personal Identity", National Library of Medicine, Retrieved 1/3/2023. Edited.
  8. answer to both of,is preserved through the change. "Some issues in Locke’s Philosophy of Mind", Stanford Encyclopedia of Philosophy, Retrieved 1/3/2023. Edited.
  9. claimed the exemplary human,as God or a soul. "Friedrich Nietzsche", Internet Encyclopedia of Philosophy, Retrieved 1/3/2023. Edited.
  10. vision of the relationship,the totality of our experience. "Identity and Freedom in Being and Nothingness", philosophynow, Retrieved 1/3/2023. Edited.
  11. Marx then, an individual's,conditions of their local context. "Labour & The Self", decolonizeallthethings, Retrieved 1/3/2023. Edited.