ما هو مفهوم السفسطة؟

مفهوم السفسطة

يُستخدم مصطلح السفسطة، أو السفسطائية (بالإنجليزية: Sophism) للإشارة إلى مذهب فكري فلسفي، أو مدرسة تنتمي للفلسفة ما قبل السقراطية، وتتكون هذه المدرسة الفلسفية من مجموعة من الفلاسفة الذين تشاركوا نفس طريقة التفكير، وغالبًا ما يُستخدم مصطلح السفسطائية للإشارة إلى الحكماء الإغريق السبعة (بالإنجليزية: Seven Sages of Greece)، الذين نشطوا في اليونان في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد، كما يُستخدم المصطلح أيضًا للإشارة إلى العديد من أوائل الفلاسفة اليونانيين، الذين صبوا اهتماهم بصورةٍ خاصة على "الإنسان"، وعلى النهج الذي عليه اتباعه في تصرفاته، بدلاً من التركيز على الأسئلة المهمة التي تتمحور حول الكون، وبالنسبة لأصل تسمية هذا المذهب الفكري الفلسفي، أو المدرسة الفلسفية، فهو مشتق من الكلمة اليونانية "sophos"، والتي تعني الحكيم، أو الكلمة اليونانية "sophia"، والتي تعني "الحكمة"؛ حيث كان مصطلح السفسطة يُستخدم بشكلٍ خاص للإشارة إلى أي خبرة/مهارة في مجال محدد من الحرف، أو المعرفة، وبعد مضي فترة من الزمن، بات المصطلح يُشير إلى الشعراء بشكلٍ أساسي، واستخدم مصطلح السفسطة لوصف الحكمة بشكل عام، والحكمة المتعلقة بشؤون البشر بشكل خاص، وفي فترة لاحقة من الزمن، أصبح مصطلح السفسطة يُوظف للإشارة إلى فئة من المفكرين والمثقفين، الذين كانوا يتجولون من مكانٍ لآخر، وذلك لغاية تدريس الناس وتعليمهم مواضيع لها صلة بالفضيلة والتميز، وكانوا في أغلب الأحيان يتقاضون مبالغ طائلة لقاء قيامهم بذلك، وكانوا يعتمدون على الخطابة لتحقيق غاياتهم، المتمثلة بإقناع الآخرين بأفكارهم، والتأثير عليهم.

الفلاسفة السفسطائيون

يُعد بروتاغوراس (Protagoras) فيلسوفًا يونانيًا من فلاسفة عصر ما قبل سقراط، وهو كذلك أول سفسطائي، ويوصف كذلك على أنه "زعيم الفكر السوفسطائي"، ومن أهم السفسطائيين الآخرين، الذين تبنوا السفسطائية، كلٌ من غورغياس (Gorgias)، وبروديكوس (Prodicus)، وهيبياس الإليسي (Hippias of Elis)، وثراسيماتشوس (Thrasymachus)، وليكوفرون (Lycophron)، وكاليكليس (Callicles)، وانتيفون (Antiphon)، وكراتيلوس (Cratylus)، هذا وهناك احتمالية بأن يكون سقراط أول فيلسوف فرض أمام السفسطائيين تحديًا كبيرًا، وعرض أفلاطون انتقادات سقراط للسفسطائيين من خلال المناظرات التي في أعماله، ولأنه كان هناك اعتقادٌ خاطئ بأن سقراط نفسه كان سفسطائيًا، فقد عمل أفلاطون على توضيح هذا اللبس من خلال وصفه للاختلافات في المواقف الفلسفية بين كل من السفسطائيين وسقراط، وبالنسبة للمواضيع التي تناولها السفسطائيون، فقد تمحورت حول المعرفة والأخلاق، وبالنسبة لفلسفتهم، فلم تكن تخلو من الانتقادات التي وجهوها للدين، والقانون، والأخلاق، وهناك من السفسطائيين من كانوا مؤمنين بالمعتقدات الدينية التي كانت سائدة آنذاك، في حين أنّ بعضهم أنكر مثل هذه المعتقدات، أو اتخذ موقفًا محايدًا بشأنها، وبالنسبة لسقراط وأفلاطون، فلم يوجها نقدهما للسفسطائيين بسبب أسلوب البلاغة الذي اتبعوه؛ بل كان نقدهما لهم قائمًا على أسسٍ فلسفية، تشمل كلاً من النسبية الأخلاقية، والمفهوم العلماني للسعادة، والشك المعرفي، هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ غالبية النصوص الأصلية التي ألفها السفسطائيون قد تعرضت للضياع، ولأجل هذا السبب، يتم الاعتماد على تحليل مؤلفات أفلاطون ليكون مصدرًا للفهم المعاصر للسفسطائية.^[١][٢]

أفكار السفسطة

تجدر الإشارة إلى أنّ هناك فرقٌ بين السفسطائي والفيلسوف؛ فالسفسطائي يتناول المسألة أو الموضوع باستنتاج مسبق يتوصل إليه، بمعنى أنه يحدد النتيجة مسبقًا، ويحدد كيف يجب أن تكون، كما أنه يحاول إقناع الآخرين بقبول ما يعتقده، وقد يكون هناك مصلحة شخصية يسعى لتحقيقها من كل ذلك، في حين أنّ الفيلسوف من جهة أخرى، يسعى للوصول إلى الحقيقة، وهذا ما يجعله غير مهتم بالمكاسب الشخصية، التي يمكن تحقيقها من تناول المسائل والمواضيع وطرحها، وقد تبنى السفسطائيون عددًا من الأفكار، والتي نستعرض أهمها في النقاط التالية:^[٣][٤]

• آمن السفسطائيون بأنه يمكن تعليم الفضيلة للآخرين؛ الأمر الذي يعني أنه يمكن لأي شخص أن يشارك في الحكومة، بغض النظر عما يتمتع به من ثروة، وبعض النظر أيضًا عن الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها.
• أكد السفسطائيون أنّه يجب أن تكون هناك أسباب عقلانية وراء المعتقدات الأخلاقية، وأنه يجب أن يكون هناك مجال لتفسير مثل هذه المعتقدات باستخدام الحجج العقلانية.
• اتخذ السفسطائيون موقفًا مناصرًا للطبيعة، واعتبروا أنّ ما تمليه الطبيعة البشرية هو ما يجب أن يتبعه الفرد، وليس ما تمليه الأعراف السائدة والمجتمع.