تعريف اليقين في الفلسفة

مفهوم اليقين في الفلسفة

اليقين (بالإنجليزية: Certainty) هو أحد المصطلحات الشائعة في الفلسفة، ويمكن تعريفه على أنه تحقيق المرء، ووصوله، إلى الثقة التامة، والتصديق الكامل، بما يعتقد ويؤمن به من أمور، ولكي يتم اعتبار ما يؤمن ويعتقد به المرءُ أمرًا "يقينيًا"، ولا ريب فيه، يجب ألا تُساور الشكوك، أو عدم التقين، أو الارتياب نفس المرء، كما يجب أن يكون ما يؤمن به المرء، ويعتقد به أمرًا واقعيًا وصحيحًا (حقيقي)، بالإضافة إلى أنّ على المرء امتلاكُ مسوغٍ يبرر اعتقاده بيقينية ما يُصدق ويؤمن به، واليقين بطبيعة الحال قد لا يتخذ شكلاً واحدًا، وقد تختلف مراتبه بناءً على نوع البراهين والبيّنات التي تدعمه وتعزز منه؛ أي أنّ هناك أمورًا يُعتقد ويؤمن بها، وتكون "يقينية" أكثر من غيرها لأنّ هناك أدلة قوية تبررها، وفي نفس الوقت، قد يكون هناك أمورٌ تكون فيها درجة اليقين أقل؛ بسبب أنّ الأدلة التي تدعمها ضعيفة، أو غير موثوقة.^[١][٢]

العلاقة بين اليقين والمعرفة في الفلسفة

الإبستمولوجيا، أو ما يُسمى بنظرية المعرفة (بالإنجليزية: Epistemology)، من المجالات الفرعية الرئيسية في الفلسفة، وتعرف على أنها تلك النظرية، أو الدراسة، التي تُعنى بطبيعة وأسس المعرفة، ولا سيما ما يخص صدق وصحة المعرفة، وحدودها،^[٣] ويعتبر كلٌ من المعرفة واليقين من المواضيع الأساسية في هذه النظرية، وهناك آراء فلسفية ترى أنّ هناك علاقة بينهما، مدللةً على ذلك بالقول إن اليقين يعكس مدى إيمان وتصديق الفرد للمعرفة التي يعتقد بصحتها، وذلك من منطلق اعتبار أنّ المعرفة في الأساس هي معتقد صحيح وحقيقي، وهناك أدلة ودوافع قوية تعززه، وأنّ اليقين هو الإيمان المطلق بهذا المعتقد الحقيقي، وتعتبر الآراء الفلسفية التي ترى أنّ المعرفة لا يمكن أن تستغني عن اليقين أنّ "التيقن" من المعتقدات، وما يؤمن به الفرد، هو ما يمنحه حق القول أنه يحوز، أو يمتلك المعرفة، وأنّ اليقين يعني أنّ المعرفة منزهةٌ عن الشك أو الخطأ، في حين أنّ الآراء الفلسفية، التي تناهض فكرة ربط اليقين بالمعرفة، ترى أنّ اعتماد اليقين في هذه الحالة يُصعب من اكتساب ونيل المعرفة، وأنه يضع عائقًا أمام اكتساب المعرفة بخصوص العديد من الموضوعات، بسبب أنّ اليقين يحدد شروطًا تعجيزية تخص المعرفة.^[٤][٥]

اليقين عند الفيلسوف رينيه ديكارت

يعتبر الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (بالفرنسية: René Descartes)‏ أول فيلسوفٍ يطرح سؤالاً حول كيف يمكن للمرء ادعاء امتلاك المعرفة بخصوص أي شيءٍ في العالم بشكلٍ يقيني؛^[٦] ففي أطروحتهِ الفلسفية التي تحمل عنوان تأملات في الفلسفة الأولى (بالإنجليزية: Meditations on First Philosophy)، نراه يصرح قائلاً بأنّ الأمور التي يستطيع الإنسان القول بأنه يحوز معرفتها يقينيًا قليلةٌ للغاية، ويٌضيف أنّ المعرفة التي يتم اكتسابها من خلال المنطق والعقل يمكن أن تكون يقينية، باعتبار أنّ المنطق والعقل من وجهة نظره الخاصة هما السبيل الوحيد للوصول إلى اليقين بمعناه الحقيقي، في حين أنه يذكر في السياق نفسه أنّ الحواس لا يمكن الوثوق بها، واعتمادها سبيلاً لنيل المعرفة يقينيًا، لأنها من منظورهِ قد تخدع الإنسان وتضله،^[٧] وفي سياقٍ متصل، ربط ديكارت في فلسفته بين الشك واليقين، فعبارته الشهيرة "أنا أشك إذن أنا موجود" تُدلل على أنّ الشك في كل شيء يُمكنه من التيقن من وجود الأشياء، أو عدم ذلك، وذلك من خلال التفكير بها، وبالتالي التوصل إلى ما يؤكد وجودها، ويعزز من التيقن بها.^[٨][٩]