تعريف العقل في الفلسفة

مفهوم العقل في الفلسفة

من الآراء الفلسفية ما يشير إلى أنّ الإنسان مكونٌ من عقلٍ وجسد، وأنّ جسد الإنسان ذا طبيعة مادية، في حين أنّ عقله ذا طبيعةٍ أبعد ما تكون عن المادية؛ فالعقل والمادة متعارضان، ولا يقبلان أن يتمثل أحدهما بالآخر، واستعرض مختلف الفلاسفة والفلسفات على مر العصور مفهوم العقل، والذي تباينت نظراتهم له من عدة أوجه، نستعرضها بالمفاهيم التالية:

مفهوم العقل في الفلسفة اليونانية

من الفلاسفة اليونان الذين تناولوا مفهوم العقل:

• العقل عند أرسطو: يُعد الفيلسوف اليوناني أرسطو أبرز الفلاسفة القدماء الذين تناولوا مسألة العقل، وقد عرفه على أنه ذلك الجزء من الروح، والذي يمتاز بقدرته على المعرفة والفهم؛ أي أنّ العقل من وجهة نظره يعرف ويفهم، وقد اتفق أرسطو كذلك مع الرأي القائل بأن العقل كيانٌ مستقل عن البدن.^[١]
• العقل عند أفلاطون: يعتبر أفلاطون أنّ العقل والجسد مختلفان بصورةٍ جوهرية؛ لأن العقل ذو طبيعة "عقلانية"، بمعنى أنّ العقل قادرٌ أن يقود الإنسان للتوصل إلى الحقيقة، على عكس الجسد، الذي من غير الممكن أن يقود صاحبه إلى الحقيقة؛ بسبب إمكانية أن تتعرض حواس الإنسان للضلال والخداع، اللذان يقودانه بعيدًا عن الحقيقة.^[٢]
• العقل عند سقراط: اعتبر سقراط أنّ العقل ذو أهمية أكبر من أهمية الجسد، وأنه منفصل عنه، كما اعتقد أنّ العقل لا يموت مع موت الإنسان؛ بل يبقى حتى بعد الموت، كما ينسب سقراط أيضًا المعرفة إلى داخل الإنسان، المتمثل بالعقل.^[٣][٤]

مفهوم العقل في فلسفة القرون الوسطى

من أبرز فلاسفة القرون الوسطى الذين تناولوا موضوع العقل ومفهومه:^[٥]

• العقل عند القديس أغسطينوس: وفقًا للقديس أغسطينوس، الذي كان أيضًا كاتبًا وفيلسوفًا عاش بين الأعوام 354-430، فإن العقل شرطٌ أساسي من شروط الإيمان، وقد عبر عن فكرتهِ هذه في عبارتهِ المشهورة "اعقِل كي تؤمن، وآمِن كي تعقِل"، وقد اعتبر القديس أغسطينوس وجود العقل أمرٌ لا يقبل الشك، تمامًا كما هو أمر الإيمان بوجود الله.
• العقل عند أسقف كانتربري أنسلم: يُعرف أيضًا بـِ "أنسلم من كانتربري"، وهو فيلسوف وعالم لاهوت عاش في الفترة بين 1033-1109، وقد اعتبر العقل الوسيلة الوحيدة للوصول إلى المعرفة، كما اعتبرهُ أيضًا سبيلاً للإيمان.
• العقل عند توما الأكويني: عاش الفيلسوف واللاهوتي توما الأكويني في الفترة بين 1225-1274، وربط في مفهومه للعقل بينه وبين العقيدة، واعتبر أنّ كلاهما له نفس الغاية، وتطرق أيضًا لمسألة الوحي، وقال فيها أنّ الإنسان قادرٌ من خلال الوحي على إدراك ما يقع وراء حدود العقل، كما قال أنّ العقل يساعد الإنسان على فهم الوجود والوصول إلى المعرفة.

مفهوم العقل في فلسفة العصر الحديث

تناول عددٌ من فلاسفة العصر الحديث مفهوم العقل، وتباينت وجهات نظرهم بخصوصه، ومن الأمثلة على أهم آراء هؤلاء الفلاسفة ما يلي:

• العقل عند باروخ سبينوزا: يرى الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا (بالهولندية: Baruch Spinoza) أنّ العقل والجسد شيءٌ واحد، إلا أنّ العقل يفكر ولا يتحرك، في حين أنّ الجسد يتحرك ولا يفكر، كما نص مفهومه للعقل أيضًا على أنّ حجم نشاط العقل يعتمد على نشاط الجسد أو إحساسه.
• العقل عند جان جاك روسو: يعتبر الفيلسوف السويسري جان جاك روسو (بالفرنسية: Jean-Jacques Rousseau)‏ أنّ الجسد والعقل ليسا مستقلين عن بعضهما الآخر، بل هما مرتبطين ببعضهما البعض، وأكد أيضًا على أنّ العقل لا بدّ أن يتم تهذيبه، تمامًا كما هو الحال بالنسبة للجسد.^[٦]
• العقل عن ديكارت: وفقًا لآراء الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (بالفرنسية: René Descartes)؛ فإن العقل من الأشياء التي مّن توزيعها بين الناس وفق مبدأ العدل؛ فالجميع نالوا نصيبهم منه، غير أنّ كيفية استغلال البشر للعقل وتوظيفهم له تختلف من فردٍ لآخر، الأمر الذي يجعل من عقولهم تبدو مختلفة.^[٧]