مفهوم المعرفة العلمية في الفلسفة

تعريف المعرفة العلمية في الفلسفة

المعرفة العلمية (بالإنجليزية: Scientific Knowledge) هي واحدة من الأنواع الرئيسية للمعرفة (تشمل أنواع/أنماط المعرفة الأخرى إلى جانب المعرفة العلمية كلاً من المعرفة غير العلمية، والمعرفة لا علمية)، ويمكن تعريف المعرفة العلمية على أنها ذلك النوع من المعارف الذي ينظر من خلاله "العالِم" إلى "العالم الطبيعي" كمسألة أو قضية ذات سمات فريدة ومختلفة، كما أنّ المعرفة العلمية فرعٌ من المعرفة يولي اهتمامًا بالظواهر وبالفرضيات العلمية المتسمة باتساقها وتآلفها؛ حيث تتمثل أهمية كلٍ من هذه الظواهر والفرضيات في أنهما يمثلان أساسًا وركيزة تقوم عليهما المعرفة العلمية، التي بدورها تتبنى "الملاحظة المنظمة" في تعاملها مع الظواهر، في حين أنها تتثبت وتتيقن من الفرضيات العلمية من خلال إخضاعها للتجربة، بالإضافة إلى جمع المعلومات، ومن ثم إخضاعها للتحليل.^[١]

العلاقة بين المعرفة العلمية والفلسفة

توصف العلاقة بين المعرفة العلمية والفلسفة على أنها علاقةٌ تكاملية؛ بمعنى أنهما لا يتناقضان مع بعضهما البعض، وفي النقاط التالية، استعراضٌ لبعض الجوانب التي توضح العلاقة بين المعرفة العلمية والفلسفة:^[٢][٣]

• ذكرنا سابقًا أنّ المعرفة العلمية هي واحدة من أنواع المعارف الثلاث الرئيسية، والتي تشمل إلى جانبها المعرفة غير العلمية، والمعرفة لا علمية، وبالنسبة للمعرفة العلمية فهي توظيفٌ للمنهج العلمي القائم على الملاحظة، والبحث، والتجريب، لتكوين أفكار، وتصورات، ومعانٍ، تتمثل الغاية منها في تحقيق فهم، موضوعي مضبوط لا تشوبه شائبة، للظواهر، ومن الأمثلة على أنواع المعرفة العلمية وما يندرج تحتها العلوم الاجتماعية والطبيعية.
• من جهة أخرى، يقابل المعرفة العلمية المعرفة غير العلمية، والتي تعتبر الفلسفة من الأنواع التي تنبثق منها، وتأكيدًا على ما سبق، فإنّ المعرفة العلمية، وما يندرج تحتها لا تتنافر أو تتضارب مع المعرفة غير العلمية؛ حيث إنّ هذه المعرفة تتسم بمنطقيتها وتنظيمها، غير أنّ من أوجه الاختلاف بينها وبين المعرفة العلمية أنه لا يجري اكتسابها من خلال تطبيق "المنهج العلمي" واتباع خطواته بحذافيرها، إنما تكتسب المعرفة غير العلمية بوسائل أخرى، تأخذ بعين الاعتبار الموضوع المطروح وطبيعته.
• وبالنسبة للفلسفة، التي تعتبر من نماذج المعرفة غير العلمية وأشكالها، فإنّ القضايا والمسائل التي تتناولها لا يمكن إثباتها من خلال "التجربة"، إنما تعتمد على وجهة نظر الفيلسوف، والجهد الذي يبذله للبت في أمرها، ومن الأمثلة على هذه المسائل والمواضيع العامة في الفلسفة القيم، والأخلاق، والوجود، في حين أنّ أمثلة على مواضيع الماورائيات (ما وراء الطبيعة أو الميتافيزيقا) التي تتناولها الفلسفة، تشمل مسألة وجود الخالق.
• من الأمور الأخرى التي تميز البحث الفلسفي عن البحث العلمي أنه يقوم على التأمل، ويتبنى نظرة شاملة للأمور، ولا يولي اهتمامًا للجزئيات (الجوانب الخاصة أو المسائل الصغيرة)، فضلاً عن ذلك، يجري في البحث الفلسفي التوصل إلى تفسيرات للأمور اعتمادًا على "المبادئ الأولى" الخاصة بها، كما أنّ الفلسفة تسعى للتوصل إلى "صورة مثالية" للأمور، تتمثل بالشكل الذي يجب أن تكون عليه هذه الأمور، والذي يختلف عما هي عليه في الواقع.

مكانة وأهمية العلم في الفلسفة

ذكرنا أنّ العلاقة بين الفلسفة والمعرفة العلمية هي علاقة تكاملية، وتتجلى ملامح هذه العلاقة في المكانة والأهمية التي يتبوأها العلم في الفلسفة؛ فعلى الرغم من الاختلاف بين العلم والفلسفة، إلا أنهما متلازمان، ولا يمكن فصلهما، حيث تعتمد الفلسفة على ما تتوصل إليه العلوم التجريبية من نتائج لكي تصيغ نظرياتها وفرضياتها، ومن هذا المنطلق، يمكن تفسير السبب الكامن وراء كون الفلاسفة في القدم علماء في نفس الوقت، ومن المظاهر الأخرى للعلاقة التكاملية بين العلم والفلسفة، أنّ العلم يوضح ويضع التفسيرات لكيفية حدوث الأشياء، أما الفلسفة فتوضح الأسباب الكامنة وراء حدوثها (لماذا تحدث من الأساس)، والعلم والفلسفة في هذا الأمر يشتركان في كونهما مجالين يوليان اهتمامًا لطبيعة وحقيقة الأشياء، إلى جانب أنهما يشتركان أيضًا في تقديم إيضاحات ومعلومات، لا تشوبها شائبة من حيث الصحة (إيضاحات ومعلومات موثوقة)، وسليمة وصحيحة، فيما يتعلق بمختلف الاستفسارات والأسئلة التي تراود الإنسان، مهما كان موضوعها.^[٤][٥]