كل ما تحتاج معرفته عن الفيلسوف فولتير

نبذة عن حياة الفيلسوف فولتير

فرانسوا ماري آروويه (بالفرنسية: François-Marie Arouet)‏، المُلقب بفولتير (بالفرنسية: Voltaire)، هو فيلسوفٌ، وشاعرٌ، وكاتبٌ، ومؤرخٌ، وناقدٌ فرنسي، عاش في الفترة بين الأعوام 1694-1778، ويُعد من أعظم الفلاسفة الفرنسيين في عصر التنوير، ويبلغ حجم النتاج الأدبي والفلسفي وغيره مما تركه فولتير ما يزيد عن 20000 خطابٍ ونص، وأكثر من 2000 كتابٍ ومنشور، ومن الأمور التي ساهمت في تمتعه بشعبيةٍ كبيرةٍ آنذاك، أسلوبه الفكاهي والساخر في الكتابة، وتحدى القوانين الصارمة المفروضة عليها، بالإضافة إلى تنوع أعماله ومواضيعها، مثل الروايات التاريخية، والشعر، والتاريخ، وفي النقاط التالية استعراضٌ لبعض محطات حياة الفيلسوف فولتير،^[١] والتي كان لها دورٌ في تشكيل فلسفته:^[٢][٣]

• في تاريخ 21 نوفمبر من العام 1694، ولد فولتير في العاصمة الفرنسية باريس، لوالده المحامي، ووالدته التي كانت من طبقة النبلاء، وفي الفترة بين الأعوام 1704-1711، تلقى فولتير تعليمه ذا الطابع الديني في مدرسة لويس الكبير الثانوية (بالفرنسية: Lycée Louis-le-Grand)، وبات متقنًا للغات الأوروبية الرئيسية، إلى جانب كلٍ من اللاتينية واليونانية.
• أراد والد فولتير من ابنه أن يسير على خطاه ويصبح محاميًا، لكن فولتير أراد أن يصبح كاتبًا، وبالفعل بدأ بنظم الشعر، وبكتابة انتقاداتٍ ناعمة وجهها إلى الدولة والكنيسة، وفي حوالي العام 1718، بدأ فرانسوا ماري آروويه باستخدام اسم "فولتير" لأول مرة، كاسم مستعارٍ يخفي وراءه هويته الحقيقية عن أسرته.
• حظيت كتابات فولتير بشعبية لدى مختلف أطياف المجتمع الباريسي، وساهم في ذلك السخرية والفكاهة التي تميزت بها، ولكنها في نفس الوقت جذبت انتباه الرقابة.
• في العام 1726، تورط فولتير بشجارٍ مع أحد النبلاء الفرنسيين، وتمّ نفيه على إثر ذلك إلى إنجلترا، وقد أثارت هذه الحادثة لدى فولتير الرغبة في إصلاح النظام القضائي في فرنسا، وفي إنجلترا، قضى فولتير 3 سنوات فيها، وتأثر بالكتاب الإنجليز أمثال ويليام شكسبير، إلى جانب تأثره بعلماء عظام أمثال إسحاق نيوتن، كما تأثر أيضًا بمفكري عصر التنوير الاسكتلندي، مثل ديفيد هيوم، وآدم سميث، وعلى الصعيد السياسي، بات فولتير ميّالاً إلى النظام الملكي الدستوري، بدلاً من النظام الملكي المطلق كما هو الحال في فرنسا.
• يُذكر أنّ الكثير من القواسم المشتركة قد جمعت بين فولتير وجان جاك روسو (فيلسوف فرنسي من عصر التنوير)، ولكن العلاقة بينهما كانت معقدة وشائكة، وكثيرًا ما كانا على خلاف، ولكن عندما قام روسو بكتابة عملٍ يُهاجم فيه النفاق الديني، أعرب فولتير عن إعجابهِ بذلك، وعرض عليه أن يوفر له ملاذًا آمنًا لحمايته من أي أذى قد يتعرض له على إثر ذلك.
• بعد عودة فولتير إلى فرنسا بعد انتهاء مدة النفي، بدأ بكتابة أعمالٍ يمدح فيها نظام الحكم في إنجلترا، واحترام حرية التعبير السائد هناك؛ الأمر الذي أغضب المؤسسة الحاكمة الفرنسية، ليضطر فولتير إلى الهرب من باريس.
• في أعقاب تلك الحادثة، ساهم فولتير في نشر أفكار نيوتن في المجتمع الأوروبي من خلال الكتابة عن نظرياته العلمية، كما بدأ بشن هجومٍ على علاقة الدولة بالكنيسة، داعيًا إلى فصل الدولة عن الدين، ومناديًا بحرية المعتقدات وبالتسامح الديني.
• عاد فولتير إلى باريس في العام 1744، ولاحقًا دعاه فريدرش العظيم، ملك بروسيا، إلى مدينة بوتسدام، وهناك كتب فولتير نصوصًا ذات طابعٍ علمي، غير أنه بدأ كذلك بالسخرية من إساءة استخدام السلطة في الدولة؛ الأمر الذي أغضب الملك.
• وفي 1759، ألف فولتير أشهر أعماله، والذي تهكم فيه على فلسفة الفيلسوف الألماني غوتفريد فيلهيلم لايبنتز (بالألمانية: Gottfried Wilhelm Leibniz)، بعنوان كانديد أو التفاؤل (بالفرنسية: Candide ou l’Optimisme)‏.
• في السنوات اللاحقة من حياته، استمر فولتير بدعم الأقليات الدينية المضطهدة، وبالكتابة، وفي العام 1778 عاد فولتير إلى باريس، وتم الترحيب به بحفاوة، والاعتراف به رمزًا للمثل العليا التقدّمية الممثلة لعصر التنوير، وفي تاريخ 30 مايو 1778 توفي فولتير في باريس، وما زال إلى اليوم يعتبر بطلاً، ومن أبرز فلاسفة الثورة الفرنسية، بسبب أفكاره الثورية التي أثرت على الشعب الفرنسي.

فلسفة الفيلسوف فولتير

نستعرض فيما يلي عددًا من الجوانب المهمة في فلسفة الفيلسوف الفرنسي فولتير، بخصوص مختلف المسائل والمواضيع:

• يعتبر العقل من الأمور التي منحها فولتير أولوية في فلسفته؛ فقد آمن بالعقل، وكفاءته، وآمن أنه الوسيلة لتحقيق التقدم والارتقاء على الصعيد الاجتماعي، وأضاف أنه لا يجب أن تمتلك أي شكلٍ من أشكال السلطات، بما في ذلك السلطات السياسية والدينية، حصانةً تحميها من التحدي، أو الاعتراض، الذي قد يفرضه العقل ضدها.^[٤]
• وفي معرض حديثه عن التسامح، أشار فولتير إلى أن التسامح يوفر بيئة خصبة تزهر فيها المجتمعات، وذلك من خلال ما يرافق التسامح من سلامٍ وهدوء، وأضاف أنّ الأقليات الدينية في المجتمعات يمكن أن تساهم بما فيه خيرٌ وصالحٌ عامٌ لها، وفي أطروحته التي تحمل عنوان أطروحة حول التسامح (بالإنجليزية: Treatise on Toleration)، ينتقد فولتير أنّ التعصب الديني، ويعتبره مخالفًا لقانون الطبيعة.^[٥][٦]
• أما بالنسبة لقضية التعبير عن الرأي، وحرية القيام بذلك، فالفيلسوف فولتير يُعد من أكبر المدافعين عن هذه الحرية، وله رأيٌ بخصوصها يتميز ويتفوق على بقية الآراء؛ إذ يقول إنه حتى وإن لم يتفق رأيه مع رأي شخصٍ آخر، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك سيدافع عن حق هذا الشخص في التعبير عن رأيه كما يشاء، وإن كلفه هذا حياته.^[٧]
• فضلاً عن ذلك، يعتبر فولتير أنّ الحياة تكون ذات معنىً، عندما تبني أساساتها، وتقوم على التسامح، والرحمة، واستخدام العقل، ويعتبر أيضًا أنّ على البشر التفكير لأنفسهم، وبما فيه صالحٌ لهم، وأنّ عليهم أيضًا أخذ الدروس والعبر، والتعلم من الأخطاء التي يرتكبونها، بالإضافة إلى أنّ عليهم تبني الاحترام في معاملاتهم مع الآخرين.^[٨]
• في كتابه الشهير "كانديد أو التفاؤل"، يمكن ملاحظة تصور فولتير بخصوص المجتمع المثالي، والذي يكون، بناءً على وجهة نظره، مُرحبًا بالغرباء، ويتم فيه معاملة الناس بكرامة، بالإضافة إلى أنّ التعليم في المجتمع المثالي عند فولتير ذو أهمية كبيرة، ويحظى العلم بمكانة رفيعة أيضًا، في حين أنّ الذهب في هذا المجتمع لا يحظى بقيمة، ولا تُعار له أهمية.^[٩]
• دعم فولتير النظام الملكي الدستوري، ويُفسر دعمه هذا في أنّ هذا الشكل من نظام الحكم يحمي حقوق الناس، بالإضافة إلى أنه يعتمد على مشورة ونصيحة الفلاسفة، وغيرهم من المفكرين، من أصحاب العقول المستنيرة، وفي سياقٍ متصل، يرى فولتير أنّ الملك المستنير، أي المُثقف، هو وحده من يقدر على إحداث تغيير في المجتمع، وأنّ من مصلحة مثل هذا الملك أن يهتم برعاياه، من خلال الحرص على تعليمهم، وتوفير حياةٍ ذات جودة لهم.^[١٠][١١]
• أما فيما يخص مسألة التعليم، ففولتير اعتبر أنّ التعليم ليس باستطاعته إعداد الطفل لمواجهة العالم، إعدادًا كاملاً، ولكنه رغم ذلك، اعتقد أنّ جميع الأطفال يجب أن يتعلموا، كما أشار إلى أنّ التعليم هو الطريقة الوحيدة لأجل التوصل إلى الحقيقة.^[١٢]
• فيما يتعلق بالقضاء والعدالة، دعا فولتير إلى أنّ أسس اختيار القضاة يجب أن تكون قائمة على النزاهة، والجدارة، ولا يجب اختيارهم بناءً على خلفياتهم الاجتماعية، فضلاً عن ذلك، انتقد فولتير عقوبة الإعدام، وانتقد أيضًا التعذيب، ونادى بأن تتناسب العقوبة مع الجريمة التي تُستحق على إثرها.^[١٣]
• وفي معرض حديث فولتير عن المال، فهو يدعو إلى عدم الاعتقاد بأنّ المال قادر على تحقيق كل شيءٍ للإنسان، لأن الإنسان حينها سيبدأ بالقيام بأي شيء في سبيل الحصول على المال.^[١٤]

أشهر أقوال الفيلسوف فولتير

نذكر من هذه الأقوال التي تعكس جوانبًا من فلسفة فولتير، ما يلي:^[١٥]

• إنه لأمرٌ خطير أن تكون محقًا في الأمور التي تكون السلطات مخطئة فيها.
• المرآة اختراعٌ عديم الفائدة؛ لأنّ الطريقة الحقيقية الوحيدة لرؤية نفسك هي من خلال عيون الآخرين.
• كلما تكرر القيام بالأمور الغبية، كلما اكتسبت هذه الأمور مظهر الحكمة.
• لا تحكم على المرء من إجاباته؛ بل احكم عليه من الأسئلة التي يطرحها.
• الشك مزعج، لكن اليقين سخيف.
• كلما أطلنا التفكير في محننا، كلما عززنا من قدرتها على إلحاق الأذى بنا.
• جميع البشر متساوون، وما يجعلنا مختلفين عن بعضنا ليس الأصل؛ بل الفضيلة.