مفهوم السياسة في الفلسفة

تعرف السياسة على أنها مجموعة الأنشطة والإجراءات المحددة، والتي تُعنى بالوصول إلى السلطة واستخدامها، في مجتمعٍ أو دولةٍ ما، ويشير تعريفٌ آخر للسياسة على أنها مصطلحٌ يطلق على مجموعة التصرفات والأحكام، التي يتم من خلالها تدبير كل ما يخص الأمة، عبر تبنيها من قبل القضاء، والتشريعات، والحكومة، بالإضافة إلى السلطات الإدارية والتنفيذية، والعلاقات الخارجية مع الأمم الأخرى،^[١][٢] وقد تناول العديد من الفلاسفة في آرائهم ونظرياتهم السياسة ومفهومها، كما كان لهم وجهات نظر بخصوص عدة مسائل ذات صلةٍ بها، وفيما يلي استعراضٌ لعدد من آراء بعض هؤلاء الفلاسفة:

السياسة عند سقراط

عبر الفيلسوف سقراط عن رأيه بخصوص السياسة قائلاً إنها لا تعني فنّ البقاء في الحكم، وأنّ الغاية الأساسية منها ليس إحكام القبضة على السلطة، ومن أهم جوانبها الأخلاق السياسية، والتي يتمثل دورها في جعل المواطنين شرفاء وصالحين، من خلال قيام السياسيين بغرس الصفات الفاضلة في المواطنين، كضبط النفس، والعدالة، والاستقامة، والشجاعة؛ الأمر الذي يضمن لهم عيش حياةٍ هنيئة، وأضاف أرسطو أنّ على كلٍ من الأفراد العاديين، وصناع القرارات تعلم هذه الأخلاق على حد سواء.^[٣][٤]

السياسة عن أفلاطون

في كتاب الجمهورية (بالإنجليزية: The Republic)، عرض أفلاطون أفكاره ذات الصلة بالسياسة، وكان من أبرز ما أشار إليه أنّ البطش والجشع لا يمثلان الحكم السياسي، وأنّ ما يُمثله حقًا هو المعرفة واستخدام العقل، وفي سياقٍ متصل، اعتبر أفلاطون أنّ الديمقراطية تشكل خطرًا حقيقًا، وبرر رأيه هذا بما يصاحبها من حرية مفرطة، وأشار إلى أنّ الديمقراطية تتمثل في نظامٍ يمتلك فيه جميع الأفراد الحق في الحكم، بما في ذلك أولئك الذين يتسمون بالأنانية، ولا يهمهم شيء بخصوص الآخرين، والديمقراطية بهذا الشكل تمكنهم من الوصول إلى السلطة.^[٥][٦]

السياسة عند أرسطو

استخدم الفيلسوف أرسطو مصطلح السياسة للإشارة إلى دراسة كلٍ من الغاية والتنظيم الصحيح لدولة المدينة (بالإنجليزية: City-state)، واشتملت هذه الدراسة على مختلف أشكال المجتمع السياسي، إلى جانب الهدف والسمات التي تمتاز بها دول المدن، بالإضافة إلى ذلك، تتمثل الفكرة الرئيسية للسياسة عند أرسطو في أنّ مهمة الحكومات تتجلى في قيامها بتبني وتعزيز الفضيلة، بشكلٍ يقود إلى تحقيق حياةٍ فضلى للمواطنين، وأضاف أنّ المواطن الصالح هو ذلك الفرد الذي يعيش مع الآخرين في المجتمع، ويلتزم بالقوانين العامة المفروضة، ويساهم بكل ما فيه خير لمجتمعه.^[٧][٨]

السياسة عند كونفوشيوس

تمحورت عددٌ من الأفكار ذات الصلة بالسياسة، في فكر الفيلسوف الصيني كونفوشيوس، حول دور الدولة في حق المواطنين، وتعتبر مثل هذه الأفكار أنّ الدولة هي "الوصي الأخلاقي" للشعب، بالإضافة إلى ذلك، تؤكد النظرية السياسية الكونفوشيوسية على ضرورة الاعتماد على الوساطة لحل النزاعات، وذلك من أجل ضمان أن يسود الوئام المجتمع.^[٩]

السياسة عند الفارابي

في آرائه ذات الصلة بالسياسة، شدد الفيلسوف المسلم الفارابي على أهمية التعاون والتكافل، وأشار إلى أنّ تبنيهما في السياسة لا تقتصر فوائده على توليد ظروفٍ ملائمة ومثالية لازدهار الحكم الرشيد، فهما أيضًا يُحققان الكمال على الصعيد الشخصي، وهذا الكمال يساهم في تحقيق الاستقرار، وخلق نظامٍ سياسي متين.^[١٠]