فلسفة ديكارت العقلانية

في هذا المقال، نستعرض أهم المعلومات عن الفلسفة العقلانية الخاصة بالفيلسوف رينيه ديكارت:^[١][٢]

مفهوم العقلانية الديكارتية

العقلانية الديكارتية، التي يُطلق عليها أيضًا فلسفة ديكارت العقلانية (بالإنجليزية: Cartesian Rationalism/Descartes' Rationalism) هي ذلك الشكل (أو النوع) من الفلسفة العقلانية، والتي تُنسب إلى الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (بالفرنسية: René Descartes)، المعروف بكونه أحد رواد عصر التنوير (عصر المنطق)، والعقلانية الديكارتية بطبيعتها تربط بين العقل البشري والبراعة العقلية (الحدة العقلية)؛ حيث يعتبر ديكارت في فلسفته العقلانية أنّ عقل الإنسان هو أعظم أشكال هذه البراعة المرتبطة بالعقل، علاوةً على ذلك، تنص العقلانية الديكارتية (فلسفة ديكارت العقلانية) على أنّ العقل البشري ينطوي على أفكار فطرية، وأنّ كل هذه الأفكار الفطرية في عقل الإنسان تنطوي بدورها على طرفٍ من الحقيقة في مضمونها، وفي سياق الحديث عن الأفكار التي مصدرها العقل البشري في العقلانية الديكارتية، يرى ديكارت في فلسفته أن الحقائق التي يتم التوصل إليها من خلال الخبرة والإدراك الحسي (التلقي الحسي) تُعد أقل مصداقية وصحة من الأفكار النابعة من العقل البشري.

نشأة عن العقلانية الديكارتية

أرسى رينيه ديكارت أسس العقلانية القارية في القرن 17، ليأتي بعده كل من باروخ سبينوزا (بالهولندية: Baruch Spinoza) وغوتفريد فيلهلم لايبنتس (بالألمانية: Gottfried Wilhelm Leibniz) لتأييدها والدفاع عنها، وفي النقاط التالية،^[٣] استعراض لبعض الجوانب ذات الصلة بظهور العقلانية الديكارتية:^[٤][٥]

• رينيه ديكارت هو أول الفلاسفة العقلانيين المعاصرين؛ حيث اعتقد أنّ السبيل الوحيد لتحصيل الحقائق الأبدية (الحقائق الخالدة) هو العقل، وليس الخبرات والتجارب الحسية، التي اعتبرها غير ضرورية، والحقائق الأبدية التي يُشير إليها في هذا السياق تشتمل أيضًا على حقائق الرياضيات والأسس التي تقوم عليها العلوم، بينما الفيزياء تحتاج إلى الخبرة لمعرفتها، التي يستعان فيها كذلك بالمنهج العلمي.
• وعلى أساس اعتقاده هذا، يرى ديكارت أنّ العقل وحده هو الذي يقرر المعرفة، وأنّ هذا الأمر لا يجري بتدخلٍ من الحواس؛ أي أنه يجري بشكل مستقل عنها.
• بالإضافة إلى ذلك، اعتقد ديكارت أنّ الأفكار الفطرية يكون مصدرها الله، بمعنى أنها تأتي من الله، في حين أنّ الأفكار الأخرى تُستمد من التجارب والخبرات الحسية، في حين أنّ هناك بعض الأفكار تكون من نسج الخيال (أفكار وهمية)، ووفقًا لديكارت، تعتبر الأفكار الفطرية الأفكار الوحيدة الصالحة والصحيحة.

أسس العقلانية الديكارتية

في النقاط التالية، استعراض لعدد من الأسس التي قامت عليها فلسفة ديكارت العقلانية (العقلانية الديكارتية):^[٦]

• معرفة الله: ربط ديكارت بين المعرفة الصحيحة ومعرفة الله، واعتبر أنّ المعرفة الصحيحة متوقفةٌ على معرفته، واعتبر أنّ من يجهل الله لن يتوصل لهذه المعرفة، لأن الجهل بالله يعرضه للوقوع في الأخطاء.
• ثنائية النفس والجسد: تتميز النفس عن الجسد بأنها خالدة، في حين أنّ الجسد فانٍ، وتتميز كذلك عنه بأن الإنسان عندما يفكر، فهو يفكر بنفسه، وليس بجسده؛ فالجسد أشبه ما يكون بآلة تخضع لقوانين الطبيعة، ولا تُفكر، على عكس النفس، التي على الرغم من أنها لا تُرى، إلا أنها تحتوي الإنسان، وبها يمارس التفكير.
• الشك: تكمن أهمية الشك من وجهة نظر ديكارت في أنه يُغربل المعرفة، كما أنه الخطوة الأولى في رحلة البحث عن الحقيقة، كما أنّ الشك دليل على وجود الإنسان، وعلى هذا الأساس يجب ألا تكون هناك قيودٌ تحد من ممارسته (ممارسة الشك).
• المنهج الديكارتي: يُعلي المنهج الديكارتي (منهج ديكارت) من شأن العقل، ويعتبره السبيل للوصول إلى الحقيقة.

وجهات نظر في العقلانية الديكارتية

تتضمن فلسفة ديكارت العقلانية على العديد من وجهات النظر، والتي منها الآتي ذكره:^[٧]

• لا يجب على الإنسان الإيمان (أو التصديق) بأي أمر غير مؤكد (يقيني)؛ بمعنى أنّ عليه الإيمان بما هو يقيني ومؤكد فقط، وذلك لأن اليقين هو الذي ينطوي على الحقيقة، والأمر الذي لا يقين فيه، ولا يعتبر مؤكدًا، لا يمكن اعتباره معرفة.
• لا يجب الوثوق بالحواس، لأنها تفتقر إلى اليقين، ولهذا فإنّ ما نصل إليه عن طريق الحواس وما تخبرنا به، لا يجب الوثوق به.
• بناءً على ما سبق، يصح القول أنّ الحواس لا تُولد المعرفة، وأنّ المعرفة الحقيقية تنبع من "الفهم" فقط.
• لا ينفي ديكارت في فلسفته العقلانية فكرة الحواس؛ فهو يعترف بفائدتها للإنسان، وأنّ حياته في هذا العالم تعتمد عليها، كما يُعتمد عليها للقيام بمختلف الأمور، ولكنه يرى في نفس الوقت أنها تستحق أن يُشك فيها، لأنها يمكن أن تضل الإنسان، كما أنها غير دقيقة، ولهذا، لا يمكن اعتبارها أساس المعرفة.
• وفي سياقٍ متصل، رفض ديكارت فكرة أنّ عقل الإنسان يكون كصفحة بيضاء عند الولادة؛ حيث اعتبر أنّ المرء يولد وفي عقله أفكارٌ فطرية خاصة به، وأنّ التفكير الفطري هو الذي يُكسب الإنسان المعرفة.