شروط الدهشة الفلسفية عند شوبنهاور

تحظى الدهشة بأهميةٍ كبيرة في الفلسفة؛ فهي من أدوات التفلسف، التي تعتبر محفزاتٍ للتفكير الفلسفي، والدهشة في السياق الفلسفي تُعرف على أنها حالة يتأثر بها عقل الإنسان ونفسه، ومنبعها هو الحيرة والعجب تجاه الوجود، والحياة، والكون، وما فيه من ظواهر وألغاز، والدهشة بطبيعة الحال تختلف بين الفيلسوف والفرد العادي (غير الفيلسوف)؛ فالفيلسوف يُدهشه كل أمرٍ عاديٍ ومألوف، ومن هذا الاندهاش يتحفز عنده التفكير الفلسفي، على عكس الشخص العادي، غير الفيلسوف، الذي تُصيبه الدهشة مما هو غريبٌ من ظواهر وغيرها من الأمور، وقد اعتبر أرتور شوبنهاور (بالألمانية: Arthur Schopenhauer)‏، وهو فيلسوف ألماني (1788 – 1860) عُرف بنظرته التشاؤمية في الفلسفة، إلى جانب تقديره للأدب والفن،[١] أنّ الدهشة الفلسفية مرهونٌ وجودها بعددٍ من الشروط، وتشمل هذه الشروط ما يلي:[٢][٣]

  • قدرة الإنسان على توظيف العقل إلى حدٍ كبير.
  • إحاطة الإنسان بالمعرفة المختصة بالموت.
  • إدراك الألم والتفكير به.
  • إدراك بؤس الحياة والتفكير به.


شرح شروط الدهشة الفلسفية

وفي النقاط التالية شرحٌ لتفاصيل شروط الدهشة الفلسفية:[٤][٥]

  • كما ذكرنا سابقًا؛ فقد حدد الفيلسوف الألماني أرتور شوبنهاور شروطًا للدهشة الفلسفية، وبالنسبة لأول شرطٍ، وهو قدرة الإنسان على توظيف العقل إلى حدٍ كبير، فهو يؤكد على علاقة الدهشة بالعقل البشري؛ فالإنسان هو الكائن الحي الوحيد، بين بقية الكائنات الحية، الذي يُصاب بالدهشة من وجوده، فالكائنات الأخرى تعتبر أنّ وجودها في الحياة من الأمور الطبيعية، ولذلك لا تصيبها الغرابة ولا العجب من هذا الأمر، ولا تندهش.
  • وفي سياقٍ متصل بشرط قدرة الإنسان على توظيف العقل إلى حدٍ كبير، يرى شوبنهاور أنّ توظيف واستعمال الإنسان لعقلهِ لحد درجةٍ عالية يزيد من شعور العجب والاستغراب لديه من الوجود؛ فالإنسان الذي لا يوظف عقله بمثل هذا المستوى، أو يكون مستواه العقلي منخفضًا، لا تُساورهُ الغرابة والعجب من الوجود وظواهره، فهو في هذه الحالة ينظر إلى الأمور باعتبار أنها مفسرةٌ وموضحة، دون الحاجة لبذل جهدٍ في اكتشاف ما تسبب بها وأدى لحصولها.
  • أما بخصوص الشرط الثاني، والثالث، والرابع من شروط الدهشة الفلسفية، وهي إحاطة الإنسان بالمعرفة المختصة بالموت، وإدراكه الألم وبؤس الحياة والتفكير بهما، فهذه الشروط يمكن تفسيرها معًا على أنها من المحفزات القوية للدهشة والتأمل الفلسفي؛ فلو كان العالم خاليًا من الموت، والألم، والبؤس، لكانت جميع الأمور واضحة ولا تحتاج لتفسير، ولما احتاج الإنسان إلى الخوض في غمار التفكير بما وراء الطبيعة وغيره من الظواهر الغريبة في العالم؛ أي أنه لولا الموت، والألم، والبؤس، لما وجدت الدهشة الفلسفية من الأساس.


ارتباط الدهشة الفلسفية بالإنسان

تعتبر الدهشة شعورًا يولد مع الإنسان، وهي دليلٌ على إنسانيته وإمتلاكه العقل، وتتمثل أهمية الدهشة للبشرية في أنها تقودها إلى الأمام في طريق التطور، في مجال العلم واكتشاف الإجابات على الأسئلة الفلسفية، المرتبطة بالفضول بخصوص مختلف المسائل، ومن مواقف الفلسفية التاريخية التي تُثبت أهمية الدهشة، ما ورد في واحدة من محاورات أفلاطون، التي بعنوان الثئيتتس (بالإنجليزية: Theaetetus)؛ حيث جاء فيها أنّ سقراط أخبر أحد طلابه، واسمه ثيتتوس، أنّ من سمات الفيلسوف الشعور بالدهشة، وأنّ هذا الشعور يحتاج إلى عملٍ جاد، ليتوصل صاحبه إلى حقائق الأمور، والإجابات التي يطمح إليها.[٦]





المراجع

  1. Schopenhauer (1788—1860),challenges the value of existence. "Arthur Schopenhauer (1788—1860)", Internet Encyclopedia of Philosophy, Retrieved 25/12/2022. Edited.
  2. موقع الدعم المدرسي آلوسكول، أدوات فعل التفلسف، صفحة 1. بتصرّف.
  3. جامعة بابل، الباعث على التفلسف وأهمیة الفلسفة، صفحة 1-3. بتصرّف.
  4. شروط التفلسف، شروط التفلسف، صفحة 1-2. بتصرّف.
  5. المدرسة المغربية، تقديم عام لمجزوءة الفلسفة، صفحة 4-6. بتصرّف.
  6. begins with seeking to,of our humanity, our rationality. "Philosophy and a Sense of Wonder", retphi, Retrieved 25/12/2022. Edited.