نبذة عن حياة باروخ سبينوزا
باروخ سبينوزا (بالهولندية: Baruch Spinoza) هو فيلسوف هولندي، عاش خلال القرن السابع عشر، وطال تأثير فلسفته عصر التنوير في أوروبا لاحقًا، كما طالت أيضًا فلاسفةً آخرين، من أبرزهم سيغموند فرويد وألبرت أينشتاين، كما يعتبر سبينوزا كذلك من رواد الفلاسفة العقلانيين، الذين يعتبرون العقل المصدر الرئيسي للمعرفة،[١] وفيما يلي استعراض لأبرز محطات حياة الفيلسوف باروخ سبينوزا، والتي كان لها تأثير على تشكيل فلسفتهِ وآرائه التي عبر عنها في أعمالهِ المختلفة:[٢][٣]
- في تاريخ 24 نوفمبر 1632، ولد باروخ سبينوزا في مدينة أمستردام، في جمهورية هولندا آنذاك، وقد كان والده ميغيل دي إسبينوزا تاجرًا برتغاليًا من أصلٍ يهودي، ووالدته تُدعى آنا ديبورا، وقد توفيت وعمره ست سنوات، وخلال نشأته، تمت تربية سبينوزا في بيئة يهودية تقليدية، والتحق بواحدة من المدارس الدينية، وتعلم اللغات أيضًا، حتى صار متقنًا للاتينية، والهولندية، والإسبانية، والفرنسية، والبرتغالية، والعبرية.
- كان سبينوزا طالبًا متفوقًا، وكان يطمح لأن يُصبح كاهنًا يهوديًا، ولكنه اضطر للانقطاع عن التعليم والمشاركة في إدارة أعمال عائلته بعد وفاة شقيقهِ الأكبر في العام 1650، ولكنه عاد للتعليم بعد ثلاث سنوات، وتلقى دروسًا في اللاتينية على يد الفيلسوف فرانسيس فان دن إندن (Franciscus van den Enden)، الذي عمل على تشجيع سبينوزا على التفكير بحرية، والاطلاع على الأفكار الفلسفية القديمة والحديثة.
- وفي وقتٍ لاحق، وبعد أن واجه انتكاساتٍ مالية سببها الحرب الإنجليزية الهولندية الأولى، بدأ سبينوزا بإمضاء وقته في دراسة الفلسفة وعلم البصريات، إلى جانب التعمق في دراسة الطائفة المعارضة لرجال الدين والتي تتبع الريمونسترانتيون (البروتستانتيون الهولنديون الذين انفصلوا عن الكنيسة المصلحة الهولندية في القرن السابع عشر)، ودراسة العقلانية.
- تكونت لدى سبينوزا آراء راديكالية وغير تقليدية لا تتوافق مع التقاليد الأرثوذكسية، وفي العام 1656، وبسبب آرائه المعارضة للتعاليم التقليدية للكنيسة والمناهضة للاهوتية، تمت إدانتهُ، ولكنه لم يتأثر بذلك، وواصل انتقاده؛ الأمر الذي جعله أول يهودي في أوروبا الحديثة يتبنى الفكر العلماني.
- ولاحقًا، تمّ نفي سبينوزا من أمستردام، وعاش لفترة في إحدى البلدات في شمال هولندا، قبل أن يستقر في العام 1660 في قرية ريجنسبورج، وهناك كرس وقته لكتابة أغلب أعماله الشهيرة.
- نشر سبينوزا في عام 1663 مقالته الأولى بعنوان حول اللّه والإنسان ورفاهه (بالإنجليزية: Short Treatise on God, Man and His Well-Being)، والتي تضمنت آرائه بخصوص الأخلاق، ونظرية المعرفة، وما وراء الطبيعة.
- انتقل سبينوزا في نفس العام إلى مدينة فوربورخ، وهناك بدأ تعاونه مع عددٍ من علماء اللاهوت، والعلماء، والفلاسفة من أجل جمع المعلومات لإتمام كتابه الذي بعنوان "علم الأخلاق - The Ethics"، وفي العام 1670، نشر عمله الذي تطرق فيه لتحليل الحكومات الدستورية والعلمانية، والذي بعنوان رسالة في اللاهوت والسياسة (بالإنجليزية: Theologico-Political Treatise)، والذي تمّ حظره بموجب القانون في العام 1674.
- انتقل سبينوزا في العام 1670 إلى لاهاي، ليواصل كتابة أعماله، والتي منها أطروحة عن قوس قزح (بالإنجليزية: On the Rainbow)، وبدأ بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الهولندية، وكتابة عملٍ باللغة العبرية لم يستمر فيه، وفي العام 1676، انتهى سبينوزا من تجميع كتابه في علم الأخلاق وقام بنشره، والذي يعتبر أشهر وأعظم الأعمال المنسوبة إليه.
- ولكن، شهدت الحالة الصحية لسبينوزا تدهورًا في نفس العام، وصارع المرض حتى تاريخ 20 فبراير 1677؛ حيث توفي إثر إصابتهِ بمرضٍ في الرئة، وهو مدفون في مدفن كنيسة كريستيان نيو كيرك في مدينة لاهاي.
فلسفة باروخ سبينوزا
وفيما يلي، استعراض لعددٍ من جوانب فلسفة باروخ سبينوزا:[٤][٥]
- تبنى سبينوزا في فلسفتهِ الاعتقاد بأن عقل الإنسان يمتلك القدرة على تزويدهِ بالمعرفة بخصوص طبيعة الحقيقة/الواقع بعيدًا عن تدخل الخيال والحواس، وأنّ الكتاب المقدس ليس مصدرًا للحقيقة الفلسفية، ولهذا ارتأى أن يُنظر إليه كنصٍ تاريخي يسعى من خلالهِ إلى عرض رسائل بسيطة ذات محتوىً أخلاقي.
- أما الإرادة الحرة؛ فقد رفضها سبينوزا، بسبب اعتبارهِ أنها متعارضة مع القوانين التي تتحكم بأفعال البشر وتُخضعها لها، كما اعتبر أيضًا أنّ الإرادة الحرة لا تنسجم مع طبيعة الله، ووفقًا لسبينوزا، فإنه الإرادة الحرة هي وهم، وأنّ كل ما يحدث خاضع للقوانين الطبيعية للكون، والتي لا يستطيع البشر السيطرة عليها أو فهمها، والتي تعتمد على مبدأ السبب والنتيجة.[٦]
- في معرض حديثه عن "الإنسان الحر"، يرى سبينوزا أنّ مثل هذا الإنسان هو فردٌ مثالي، وأنّ اعتباره كذلك يعتمد على قيامهِ بإخضاع كل ما يصدر منه من أفعال وأفكار لتوجيه العقل، وليس لتوجيه العاطفة، كما ذكر أيضًا أنّ الإنسان الحر من النادر أن يُفكر بمسألة الموت؛ وذلك لأن، من وجهة نظر سبينوزا، مثل هذا الإنسان يعرف أنّ تفكيره بهذا الموضوع لا جدوى منه، بسبب فهمه لأنه لا وجود لحياة بعد الموت.[٧]
- ينظر سبينوزا إلى الفضيلة، من وجهة نظر فلسفته، بشكلٍ مختلف عن مفهومها العام؛ حيث اعتبر أنّ الفضيلة هي اكتساب الإنسان للمعرفة بخصوص حقيقة مشاعرهِ، واعتبر كذلك أنه لا يمكن الفصل بين الحياة والفضيلة، وأنّ تمكن الإنسان من اكتساب المعرفة الحقيقية والوصول إليها هو ما يجعله حكيمًا.
- من جهة أخرى، وفي معرض حديثهِ عن الفلسفة السياسية، اعتبر سبينوزا كذلك أنّ الإنسان الذي يتسم بالحكمة هو من يعيش في دولة يسودها حكم العقل، وارتأى أنّ الدولة يجب أن تتبنى العقلانية، لأنها بهذه الطريقة تمنح الأفراد الحرية بناءً على قوانين الطبيعة البشرية، وفي سياقٍ متصل، يعتبر سبينوزا ديمقراطي؛ لأنه رآى بالديموقراطية نظامًا يحافظ على حقوق الآخرين، ويمنع أن تُسلب منهم، كما أنه يحقق المساواة بين الناس.
أشهر أقوال باروخ سبينوزا
من أشهر الأقوال المنسوبة إلى الفيلسوف باروخ سبينوزا، والتي تُمثل فلسفته في مختلف المواضيع، ما يلي:[٨]
- لا شي موجود في الطبيعة بمحض الصدفة؛ فالأمور تبدو كأنها حاصلةٌ صدفة بسبب افتقارنا إلى المعرفة.
- عندما تجتاح العواطف الإنسان، يصبح عبدًا لها.
- السلام لا يعني غياب الحرب؛ بل هو فضيلة، وحالة ذهنية، ونزعةٌ خيّرة، وثقة، وعدالة.
- ما يقولهُ بول عن بيتر يكشف لنا أمورًا عن بول أكثر من تلك التي عن بيتر.
- الإنسان الذي يعرف كيف يُميز بين الصواب والخطأ، يدرك حقيقة ما هو الصواب وما هو الخطأ.
المراجع
- ↑ "A Guide to Baruch Spinoza’s Life and Philosophy", masterclass, Retrieved 4/1/2023. Edited.
- ↑ "Baruch Spinoza", thegreatthinkers, Retrieved 4/1/2023. Edited.
- ↑ "Baruch Spinoza", famousphilosophers, Retrieved 4/1/2023. Edited.
- ↑ "SPINOZA’S PHILOSOPHY SUMMARY", the-philosophy, Retrieved 4/1/2023. Edited.
- ↑ is perhaps the most,senses and imagination are not. "Baruch Spinoza", newworldencyclopedia, Retrieved 4/1/2023. Edited.
- ↑ denied free-will,,lie only in our ignorance. "Baruch Spinoza, "Human Beings are Determined"", philosophy.lander, Retrieved 4/1/2023. Edited.
- ↑ "Spinoza’s guide to life and death", press.princeton, Retrieved 4/1/2023. Edited.
- ↑ "43 Famous Baruch Spinoza Quotes (PHILOSOPHY)", graciousquotes, Retrieved 4/1/2023. Edited.