نشأة الإمام الغزالي

الإمامُ أبو حامدُ الغزاليّ هو حُجّة الإسلام مُحمّد بن مُحمّد بن مُحمّد بن أحمد الطوسيّ، أحدُ أعلامِ الفكرِ في الفلسفة الإسلاميّة، وُلِدَ في طوس -إحدى مدن خراسان- عامَ (450هـ/1095م)، وهو فيلسوفٌ متصوِّفٌ وفقيهٌ لأبٍ صالحٍ فقيرٍ يعملُ في غزلِ الصّوف، كان أبوه رجلًا شغوفًا بالعلم، يُجالسُ الفقهاءَ والمتصوّفين والعُلماء، فلمّا مرضَ واقتربَ أجَلُه، أوصى صديقَه الصوفيّ أن يعتني بولدَيه: الإمام الغزالي وأخوه أحمد، فأشرف عليهما وعلَّمَهما وأدّبهَما خيرَ علمٍ وأدب.[١]


شخصية الإمام الغزالي

كانَ الإمامُ الغزاليّ ذا شخصيَّةٍ ذكيَّةٍ دَؤوب مُعتدًّا بنفسِه واثقًا منها، وُهِبَ الإرادةَ الصّلبة والنيّة الصّادقة والعزيمةَ الدّائمة؛ إذ لم يُوفّر جُهدًا إلّا بذَله، ولا وقتًا إلّا أمضاه في المُطالعة والدّراسة والنَّهل من مشاربِ العلمِ والمعرفة؛ وقد كان يختلسُ أوقاتَ فراغِه في تعلُّم الفلسفةِ بمفردِه حتّى حازَ منتهى العلومِ، فتقرّب منه الوُزراء والولاة وحصلَ له النّفوذ والجاه والشّهرة، إلّا أنّه كان زاهدًا بها تاركًا لها؛ لِيَصونَ نيّته في الإخلاص.[٢]


فكر الإمام الغزالي

برزت آراءُ الإمامِ الغزاليّ في مسائلَ مختلفة، منها:


قِدَم العالم

رفضَ الغزاليّ نظريّة "الفيض" التي تنصّ على أنّ كلّ موجود وُجِدَ منه بالضّرورة موجوداتٌ أخرى أدنى منه قدرًا، باعتبار أنّ الموجود الأول هو الأعظم؛ ذلك يعني أن موجودات العالم كانت عن طريق الموجود الأوّل الذي يفترضون أنّه "يلِد"، وقد عدَّ الغزاليّ هذا الكلام كفرًا، وقال "إنّ العالم وُجِد بإرادةٍ قديمة اقتضت وجوده في الوقت الذي وجدَ فيه ... وأنّ استناد الحوادث إلى الحوادث إلى ما لانهاية فهو مُحال".[٣]


السببية

سبّبت هذه المسألة صراعًة بين جمهور المتكلّمين والفلاسفة، حيث يرى الفلاسفة لزوميّة اقتراب أيّ سبب بمسبّب، بينما رفضَ المتكلّمون وجود لازمة ضروريّة واقتران حقيقيّ بين السّبب والمسبّب -من ضمنهم الإمام الغزاليّ- باستثناء فئة من المعتزلة.[٤]


وحدانية الله

يُدلّل الفلاسفة على وحدانيّة الله من منطلق أنّه لو كان هناك إلهان لكان لكليْهما "وجوب وجود"، فإن وجبَ وجودُ أحدهما لذاتِه، فلا يكونُ وجودُ الثاني واجبًا، وإن كان وجوب الوجود لتحقيقِ علّة فإنّه معلول، أمّا الغزاليّ فقد اعترض على تقسيم الفلاسفة إلى واجب لذاتِه وواجبٍ لعلّة، واعتبره باطلًا.[٥]


مؤلفات الإمام الغزالي

ألَّف الغزاليّ كتبًا عدّة ذاتَ وحدةٍ موضوعيّة واحدة، ناقشت جميعُها مسائلَ دينيّة خلافيّة، وقد برزَ منها ثلاثة، هي:

  • المنقذ من الضّلال: عَرَضَ فيه الغزاليّ مسارَ رحلتِه الفكريّة من الشّكّ إلى اليقين.[٦]
  • تهافُت الفلاسفة: ناقشَ فيهِ آراءَ الفلاسفة في مسائلَ مختلفة، وأوضحَ ما وافقَ منها الدّين ودحضَ ما خالفَه.[٧]
  • إحياءُ علومِ الدّين: هذا الكتاب أشبهُ بموسوعةٍ شاملة ضمّت مسائلَ مختلفةً منها: الإخلاص في الدّين، أخلاقيّات المسلم وسلوكه.[٨]


أقوال عن الإمام الغزالي

ممّا قالَه أبرزُ الأعلامِ عن الإمامِ الغزاليّ:

  • قال تقي الدّين السبكيّ: "حجّة الإسلام .. جامعُ أشتاتِ العلوم، والمرز في المنقول منها والمفهوم".[٩]
  • قال تلميذُه محمّد بن يَحيى: "لا يعرفُ فضلَ الغزاليّ إلّا من بلغَ أو كادَ يبلغ الكمالَ في عقلِه".[١٠]
  • قال ابنُ العماد الحنبليّ: "... وبالجملةِ ما رأى الرّجل مثل نفسه".[٩]
  • قال الحافظُ ابن عساكر: "كان إمامًا في علمِ الفقهِ مذهبًا وخلافًا، وفي أصولِ الدّيانات".[١٠]

المراجع

  1. أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، صفحة 8 -9 . بتصرّف.
  2. نبيل أبو القاسم، ألف معلومة عن حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، صفحة 24-27. بتصرّف.
  3. أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، صفحة 23. بتصرّف.
  4. أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، صفحة 33-34. بتصرّف.
  5. أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، صفحة 28. بتصرّف.
  6. أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، صفحة 15. بتصرّف.
  7. أبو حامد الغزالي، تهافت اللاسفة، صفحة 15-16. بتصرّف.
  8. أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  9. ^ أ ب نبيل أبو القاسم، ألف معلومة عن حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، صفحة 31. بتصرّف.
  10. ^ أ ب نبيل أبو القاسم، ألف معلومة عن حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، صفحة 30. بتصرّف.