شرح فلسفة كانط

يمكن تقسيم فلسفة إيمانويل كانط (١٧٢٤-١٨٠٤) إلى فرعين رئيسيين: النظرية والعلمية، فتقوم فلسفته النظرية التي تتضمن الميتافيزيقا على الفهم العقلاني لمفهوم الطبيعة، أما فلسفته العلمية فتضم الأخلاق والفلسفة السياسية القائمة على مفهوم الحرية، وكان لكلا النوعين التأثير الكبير في التاريخ اللاحق للفلسفة.^[١] ويعد كانط أحد أشهر فلاسفة القرن الثامن عشر حيث استطاع بمؤلفاته أن يؤثر في الفكر الفلسفي سواء في عصره أو في الأجيال التي جاءت من بعده، وتعد فلسفته ثورة كفلسفة سقراط الذي صرف الإنسان عن دراسة الكون إلى دراسة النفس، وقد حدد كانط مهمة الفيلسوف بأن يبحث في قوة العقل ليتبين خصائصه وحدوده ومداه، وأن يلتمس شروط المعرفة الإنسانية.^[٢]

الولادة

ولد إيمانويل كانط عام 1724 في مدينة كونيغسبرج عاصمة ممكلة بروسيا، وكان الرابع بين أحد عشر ولدًا، والده جوهان جورج، كان يعمل في صناعة سروج الخيل في مدينة ميمل شرق ممكلة بروسيا، ووالدته ريجينا رويتر.

حياته

لم يسافر كانط في حياته كلها أبدًا، كان في شبابه طالبًا مجتهدًا في دراسته، ضعيفًا في بنيته، نشأ في بيتٍ أهله متدينون بشدة، وتربى كانط تربية دينية مبنية على التفاني والإخلاص في خدمة الدين وعلى التواضع مع الناس، تلقى تعليمًا صارمًا ومنضبطًا، كان يفضل تعلم اللغة اللاتينية وتعلم الدين على تعلم الرياضيات والعلوم، درس في المدرسة الفردركية في بروسيا، درس فيها اللاتينية والعبرية واليونانية والفرنسية، ودرس العلوم والرياضيات واللاهوت، التحق بجامعة كونيغسبرغ ودرس الفلسفة والعلوم، وتأثر بأستاذه "مارتن كنونزن" الذي كان متأثرًا بالمدرسة العقلانية، عمل مدرسًا خصوصيًا لأطفال الأسر الثرية ليستطيع إكمال دراسته، وكرس وقت فراغة لكتابة أطروحته الجامعية، في عام ١٧٥٥، عاد للجامعة وقدم بحثه وأطروحته، وأعطته الجامعة وظيفة مساعد أستاذ.^[٣]

فلسفة كانط

تميزت فلسفته بالنزعة المثالية النقدية، وذلك لعدة أسباب منها، انتقاده للفلسفات السابقة، كالبرجماتية التجريبة، والعقلانية، وقدم عدة أبحاث منها: الأكسيولوجيا (مبحث القيم في الفلسفة)، والأبيستسمولوجيا (مبحث المعرفة في الفلسفة)، ومن خلال نظريته في أخلاق الواجب وغيرها، تعد فلسفة كانط أشبه بثورية كوبرنيكوس وما أحدثه من تغيير في مجال العلوم، فثُلاثيَته النقدية المتمثلة بكتبه: نقد العقل المحض و نقد العقل العلمي و نقد ملكة الحكم، و الدين في حدود مجرد العقل، وكتاب تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق جمعها تؤكد على قوة فلسفته.

يميز كانط في نظرياته المتعلقة بالمعرفة بين "عالم الأشياء" بشكليه، فهو يفرق بين عالم الأشياء الذي يحيا فيه ويتعامل معه بعقله ويستقي منه المعارف، وبين عالم الأشياء في ذاتها، أي الميتافيزيقا التي لا يستطيع أحد البرهنة على وجودها بالأدلة العقلية، ولدى كانط عبارة مشهورة: "مقولات بلا حدوس فارغة، وحدوس بلا مقولات عمياء"، وهنا فإن مصطلح الحدس عنده يشير إلى كل ما يرد إلى الإنسان من العالم الخارجي، ويؤكد كانط على النزعة المثالية النقدية، فمثالية كانط تقول بأن هناك مقولات في العقل سابقة على التعامل مع الأشياء هي من تنظم مدركاتنا الحسية.^[٤]

مؤلفات كانط

ألف الفيلسوف إيمانويل كانط العديد من الكتب والمؤلفات ونذكر منها:

• الحجة الوحيدة الممكنة لدعم إثبات وجود الله: يتحدث الكتاب عن الفترة المبكرة في فلسفته التي اعتبرها فيما بعد "سباتا عقاديًا"، ويشكك كانط كل من الحجة الأنطولوجية عن الله، ويجادل كانط بأن هذا الشي الضروري يجب أن تنسب إليه كل الخصائص التي تنسب عموما إلى الله، وأن الله موجود بالضرورة.

• نقد العقل الخالص: يعتبر من أكثر أعماله تأثيرًا في تاريخ الفلسفة، ويعتبر أول نقديات كانط، حيث أصدر بعدها كتابين نقديين وهما: نقد العقل العملي، ونقد الحكم.

• نقد ملكة الحكم: هو النقد الثالث في مشروع كانط النقدي الذي بدأه في نقد العقل الخالص ونقد العقل العملي، ويقسم الكتاب إلى قسمين: نقد الحكم الجمالي، ونقد الحكم الغائي، ويتضمن أيضًا نظرة عامة كبيرة على كل نظام كانط النقدي.

• الدين في حدود مجرد العقل: على الرغم من أن غرضه أصبح مسألة خلاف، إلا أن التأثير الهائل والدائم للكتاب على تاريخ اللاهوت وفلسفة الدين أمر لا جدال فيه.^[٥]

ويتكون من أربعة أجزاء، مكتوبه في الأصل على أنها أربعة مقالات صحفية، ينتقد فيها الطقوس والخرافات والتسلسل الهرمي للكنيسة.^[٦]

أشهر إقتباساته

• "الأخلاق ليست في الحقيقة عقيدة كيف نجعل أنفسنا سعداء، ولكن كيف نكون جديرين بالسعادة".
• "التجربة بدون نظرية عمياء، لكن النظرية بدون خبرة هي مجرد لعبة فكرية."
• "كل معرفتنا تبدأ بالحواس، ثم تنتقل ألى الفهم، وتنتهي بالعقل، ولا يوجد أعلى من السبب".
• "شيئان يرعبانني أكثر، السماء المرصعة بالنجوم فوقي، والقانون الأخلاقي بداخي".^[٧]