نبذة عن حياة الفيلسوف جان بول سارتر
جان بول سارتر (بالفرنسية: Jean-Paul Sartre) هو فيلسوفٌ، وروائي، وكاتب مسرحي فرنسي، عاش بين الأعوام 1905 و 1980، ويعتبر من أبرز شخصيات الفلسفة الفرنسية، إلى جانب كونه من أشهر أعلام الفلسفة الوجودية (بالإنجليزية: Existentialism)، وتحديدًا في القرن العشرين؛ إذ طور فلسفةً تُعنى بجميع أشكال الوجود، اجتماعيًا، ودينيًا، وسياسيًا، وفلسفيًا،[١][٢] وفي النقاط التالية نستعرض أبرز محطات حياة الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر:[٣][٤]
- في تاريخ 21 يونيو 1905، ولد جان بول سارتر في العاصمة الفرنسية باريس، وقد كان الطفل الوحيد لوالديه، جان بابتيست سارتر، الذي كان ضابطًا في البحرية، وآن-ماري شوايتزر، وبعد وفاة والدهِ وهو ما يزال طفلاً، انتقل سارتر للعيش في بلدة ميدون، حيث مسقط رأس والدته.
- خلال طفولته، كان سارتر طفلاً مبدعًا وفطنًا؛ فقد كان شغوفًا بمراقبة العالم من حوله، ومحاولة فهمه، وفي مراهقته، كان مهمتًا بأمورٍ ومواضيع تصعب على أقرانه، ولا يهتمون بها عادةً، وكان كذلك شغوفًا للغاية بالفلسفة، وغيرها من المواضيع ذات الصلة بها، وقد أصبح سارتر مهمتًا بالفلسفة بعد قراءتهِ أطروحةً للفيلسوف الفرنسي هنري برجسون (بالفرنسية: Henri Bergson) بعنوان الزمن والإرادة الحرة (بالإنجليزية: Time and Free Will)، وخلال سنوات تلقيه للتعليم في بلدة ميدون، نمّى سارتر حبه للمعرفة، وطور من إبداعه.
- لاحقًا، حصل سارتر على الدكتوراه في الفلسفة من المدرسة العليا للأساتذة (بالفرنسية: École normale supérieure)، في باريس، وهناك درس عددًا من الفلاسفة، أمثال مارتن هايدغر، وإدموند هوسرل، وسورين كيركغور، وجورج فيلهلم فريدريش هيغل، وإيمانويل كانط.
- في العام 1939، وتزامنًا مع الحرب العالمية الثانية، انضم سارتر للخدمة في الجيش الفرنسي، في فصيلة الأرصاد الجوية، لتبدأ حياته المهنية من هناك، ولكن القوات الألمانية أسرته في العام 1940، ليقضي 9 أشهر من حياته كأسير حرب قبل أن يتم إطلاق سراحه، وفي العام 1941، حصل سارتر على الصفة المدنية، وعمل مدرسًا في مدرسة ليسيه باستور، في منطقة نويي-سور-سين، في ريف باريس.
- وهناك، وبعد انتهائه من الخدمة في الجيش، باشر سارتر العمل مع الليبراليين، وأصبح عضوًا في حركة الاشتراكية والحرية (بالفرنسية: Socialisme et Liberté) السرية، والتي ضمت عددًا من الكتّاب المدافعين عن المساواة في الحقوق، ولكن تمّ حل الحركة بعد بضعة أشهر، ليبدأ بعدها سارتر بالكتابة والمشاركة بالسياسة بشكلٍ مستقل، عوضًا عن المشاركة في المقاومة النشطة.
- بعد فترة قصيرة، نشر سارتر أعمالاً ساهمت في رواج اسمه وشهرته، وهي: كتاب الوجود والعدم (بالإنجليزية: Being and Nothingness)، ومسرحية الذباب (بالإنجليزية: The Flies)، ومسرحية اللا مخرج (بالإنجليزية: No Exit)، وقد عرض سارتر في أعماله دروس الحياة التي تعلمها من تجاربه التي خاضها أيام الحرب.
- وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أصبح سارتر ناشطًا سياسيًا معروفًا، وعارض عددًا من الحروب التي كانت قائمة آنذاك، كما تبنى الماركسية، وتناول في أحد أعماله موضوع الكراهية في المجتمع، ولم يثنه نشاطه ذلك عن الكتابة، التي واصلها ونشر واحدًا من أبرز أعماله بعنوان نقد العقل الجدلي (بالإنجليزية: Critique of Dialectical Reason) في العام 1960، والذي تناول فيه كيفية التوفيق بين الفلسفتين الوجودية والماركسية.[٥]
- في السنوات اللاحقة من حياته، واصل سارتر نشاطاته ذات الصلة بالقضايا السياسية، والقضايا الإنسانية، كما وصل أعماله التي تناولت موضوع الفلسفة الوجودية، والتي تحدي فيها أيضًا قواعد المجتمع الزائفة، والمتحيزة، بشكلٍ صريح، وفي العام 1964، منح سارتر جائزة نوبل في الأدب، ولكنه رفضها لتعارض الجائزة مع إيديولوجيته، وكان بذلك أول شخصٍ يرفض جائزة نوبل.
- بذل سارتر حياته في مساعدة الآخرين، والالتزام بالدفاع عن القضايا التي آمن بها، وتدهورت صحته في السبعينيات من القرن الماضي، بسبب انشغاله عن الاعتناء بها، وفقد البصر بصورة شبه كاملة في عام 1973، وفي تاريخ 15 أبريل 1980، توفي الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر في مدينة باريس، بعد إصابته بالاحتقان الرئوي.
فلسفة الفيلسوف جان بول سارتر
تتمحور فلسفة الفيلسوف سارتر حول عددٍ من المواضيع، والتي نتطرق إلى عددٍ من أبرزها في النقاط التالية:[٦][٧]
- تتمثل فحوى الفلسفة الوجودية عند سارتر، وتنص على، أنّ "الوجود يسبق الجوهر"؛ بمعنى أنّ البشر يمنحون حياتهم معنىً من خلال "الوجود"، والتصرف بطريقة محددة، ووفقًا لسارتر، فإنه ليس هناك شكل، أو خطةٌ محددة، بخصوص الكيفية التي ينبغي أن يكون وجود الإنسان على أساسها، وليس هناك مصدرٌ يمنح البشر هدفًا لحياتهم، ولهذا، فهو يعتبر أنّ هذا الأمر يُوقع على عاتقهم عبئًا ثقيلاً، يتمثل في عبء تعريف البشر لأنفسهم، وعب تعريف الإنسانية.
- وبسبب عدم وجود هدفٍ مسبق التحديد يخص وجود البشر، بالإضافة إلى اتسام وجودهم هذا بالعبثية، فإنّ هذا يضعهم، من وجهة نظر سارتر، أمام خيارات لامتناهية، ولا حصر لها، تسبب ما يُسمى بـِ "كرب الحرية"، فسارتر يرى أنّ البشر يحيون في كربٍ دائم، مصدره أنه محكومٌ عليهم أن يكونوا أحرارًا، وليس هناك ما يقيدهم، وهذا الأمر يمنحهم حرية اختيار ما يشاؤون، وأن يصبحوا ما يشاؤون، وأن يحيوا الحياة التي يشاؤونها، ويتمثل الكرب في الحرية من وجهة نظر سارتر في أنّ كل خيارٍ يتخذه الفرد فإنه يقوم بتعريفه، ويكشف له في نفس الوقت اعتقاده بخصوص الكيفية التي ينبغي أن يكون عليها الإنسان، وكل هذا عبءٌ ثقيلٌ للغاية، ومسؤولية يتحملها الإنسان الحر، ويجعله يعيش في كربٍ دائم.
- تطرق سارتر في فلسفته أيضًا لمسألة "سوء النية"، وأشار إليها في كتابه "الوجود والعدم" معرفًا إياها على أنها قدرة البشر، التي يتحلون بها بشكلٍ طبيعي، على خداع أنفسهم، ودفعهم أنفسهم إلى الاعتقاد بأنهم شيءٌ يختلف عمّا هم عليه في الواقع، ويعتبر سارتر أنّ سوء النية إنكارٌ للحرية التي يتمتع بها الفرد؛ فهي تؤدي إلى حرمانه من عيش حياته وفقًا لاختياراته الخاصة، وعيشها بدلاً من ذلك بناءً على أشبه ما يكون بسيناريو معدٍ وجاهزٍ مسبقًا، قد يحقق له الراحة، ويلقي من خلاله اللوم على الآخرين، ولكنه يظل على الرغم من ذلك نكرانًا وتكذيبًا للحرية.[٨][٩]
- ومن منطلق إيمانه بأفكار الماركسية، وصف سارتر المال بأنه الشيء الوحيد الذي يقيد حرية المرء، ويحد منها، وأضاف أنّ البشر عندما يريدون أن يُعرضوا عن فكرة استكشاف الخيارات غير التقليدية، وغير المألوفة، الموجودة في الحياة، فهم يقدمون حينها عذر الحاجة إلى المال.
- وفي سياقٍ متصل، ألقى سارتر اللوم، في مسألة رضوخ المجتمع للمال، على الرأسمالية، التي شبهها بالآلة التي تأسر الأفراد في وظائف لا يحبونها، يعملون فيها لأجل أن يتمكنوا من شراء أشياء هم ليسوا في حاجةٍ إليها.
- وبالنسبة لحرية الاختيار، فسارتر يعتبر أنّ الإنسان حرٌ في الخيارات التي يتخذها، ولكنه بالمقابل يجب أن يكون مسؤولاً عن النتائج المترتبة على خياراته.[١٠]
- في حديثه عن الحب، ذكر سارتر أنّ هناك ما يُسمى ببهجة الحب، أو فرحة الحب، وهذه البهجة تتحقق عندما يشعر المرء بالأمان مع الشخص الذي يحبه، ويعثر في هذا الشخص، ومن خلاله، على معنىً لحياته.[١١]
أشهر أقوال الفيلسوف جان بول سارتر
فيما يلي استعراضٌ لعددٍ من أبرز أقول الفيلسوف سارتر:[١٢]
- الفقراء هم من يموتون عندما يشن الأغنياء حربًا.
- الالتزام فعل، وليس مجرد كلام.
- عندما نحب أشخاصًا، فإننا لا نطلق الأحكام عليهم.
- الكلمات تشبه المسدسات المحشوة بالطلقات.
- كل ما أعرفه عن حياتي تعلمته من الكتب.
- يجب أن نتبنى الشغف في أفعالنا قبل أن نشعر به.
المراجع
- ↑ "Jean-Paul Sartre", britannica, Retrieved 28/3/2023. Edited.
- ↑ "Jean-Paul Sartre Biography", cliffsnotes, Retrieved 28/3/2023. Edited.
- ↑ "Jean-Paul Sartre (Biography, Ideas, Existentialism, & Mind Maps)", edrawmind, Retrieved 28/3/2023. Edited.
- ↑ "Jean-Paul Sartre", biography, Retrieved 28/3/2023. Edited.
- ↑ central problematic of Sartre's,the contradictions between modes of "10/13 | JEAN-PAUL SARTRE, CRITIQUE OF DIALECTICAL REASON", blogs.law.columbia, Retrieved 28/3/2023. Edited.
- ↑ "TO BE IS TO BE: JEAN-PAUL SARTRE ON EXISTENTIALISM AND FREEDOM ", yourstory, Retrieved 28/3/2023. Edited.
- ↑ "Jean-Paul Sartre", Stanford Encyclopedia of Philosophy, Retrieved 28/3/2023. Edited.
- ↑ "Jean-Paul Sartre Breaks Down the Bad Faith of Intellectuals", openculture, Retrieved 28/3/2023. Edited.
- ↑ defines bad faith as,to us all the time. "Want to be more authentic? Don’t be like Sartre’s café waiter", bigthink, Retrieved 28/3/2023. Edited.
- ↑ A C ODESANMI, JEAN PAUL SARTRE AND THE CONCEPT OF DETERMINISM, Page 86-87. Edited.
- ↑ Sartre, the joy of,all secure about romantic love. "Advice on Love from Nietzsche and Sartre", theparisreview, Retrieved 28/3/2023. Edited.
- ↑ "Jean-Paul Sartre Quotes", brainyquote, Retrieved 28/3/2023. Edited.